سورة المدثر
  ٨ فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ ٩ عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ ١٠ ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا ١١ وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَمْدُودًا ١٢ وَبَنِينَ شُهُودًا ١٣ وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا ١٤ ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ ١٥ كَلَّا إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا
  {وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ} على ما كلفك من تبليغ الرسالة وغيره، وعلى بلائه فيما ابتلاك به، وعلى أذى الكفار المكذبين لك حتى يحكم الله.
  (٧ - ١٠) {فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ} {فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ} فسر {النَّاقُورِ} بالنفخ في الصور، فظهر: أنه صوت، وفسره الإمام الهادي #: «بعلامة يحشر الناس إليها من نور يسطع، أو صوت ملائكة يدعون الناس ويكبرون ويهللون ويحمدون» انتهى.
  وقد ذكر اللّه الداعي في قوله تعالى: {يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِي إِلَى شَيْءٍ نُكُرٍ}[القمر: ٦] وذكر الصيحة في قوله تعالى: {يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ}[ق: ٤٢] ولعلهما شيء واحد في أول يوم القيامة يسمعه أهل القبور فيخرجون.
  {فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ} {يَوْمَئِذٍ} يوم ينقر في الناقور {يَوْمٌ عَسِيرٌ} لما فيه من الأهوال والحساب العسير والجزاء {عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ} الكافرين بنعم اللّه الجاحدين بما جاء به الرسول من آيات اللّه، فهو عسير عليهم. وقوله: {غَيْرُ يَسِيرٍ} تأكيد ونفي لأن يقترن بعسره يسر، فليس كعسر الدنيا الذي يكون معه يسر، أو هو تعريض بالكافرين الذين يكذبون النذير ولا يبالون، بل كأنه ينذرهم شيئاً يسيراً لا حاجة إلى الحذر منه.
  (١١ - ١٤) {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَمْدُودًا وَبَنِينَ شُهُودًا وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا} {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا} من الكافرين الذين يوم القيامة عسير عليهم، خلقه اللّه {وَحِيدًا} فرداً، ولعله كان قد مات أبوه ولم يكن له إخوة فكان فريداً بهذا المعنى، وقد مر مثله: {فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ}[القلم: ٤٤].