سورة الإنسان
  وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلًا ٢٨ إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا ٢٩ وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ
  (٢٧) {إِنَّ هَؤُلَاءِ يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ يَوْمًا ثَقِيلاً} {هَؤُلَاءِ} إشارة إلى الموجودين في وقت نزول القرآن الكفار ونحوهم {يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ} الحياة الدنيا وأغراضها فيختارونها {وَيَذَرُونَ} يتركون ولا يستعدون لليوم الثقيل الذي هو يوم القيامة.
  وقوله تعالى: {وَرَاءَهُمْ} إما تشبيه ليوم القيامة بالطالب لهم الذي يريد أن يلحقهم، ومن عادة الطالب العدو المطارد أن يكون وراء المطلوب، فاستعمل له وراء وهذا هو الظاهر، وإما أن يكون بمعنى أمامهم كما قيل - والله أعلم.
  (٢٨) {نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلاً} {نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ} فكيف لا نقدر على إعادتهم لليوم الثقيل الذي هم به مكذبون {وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ} قوينا تركيبهم، وربط مفاصلهم، قال في (الصحاح): «أسر قَتَبَهُ يأسِرْه أسْراً، شدَّه بالإسار وهو القِدّ» انتهى، قال: «والقد: سير يقد من جلد غير مدبوغ» انتهى.
  فلعل قوله تعالى: {وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ} إشارة إلى شد مفاصل الإنسان وأعضائه بالأعصاب المتينة، وهذا دليل على قدرة اللّه تعالى على إعادتهم وذكر لنعمته عليهم {وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلاً} أهلكناهم وأتينا بناس آخرين يقومون مقامهم، بحيث يكونون بدلاً منهم، وأناس آخرين، وأناس آخرين، وذلك لقدرة اللّه تعالى على كل شيء، وكونه لا يعسر عليه، {وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ}[إبراهيم: ٢٠] وفي هذا تنبيه على قدرته تعالى على إعادتهم.