سورة الإنسان
  كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا ٣٠ يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ٣١
  (٢٩) {إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلاً} {هَذِهِ} الآيات وما فيها من الوعد والوعيد، والدلالة على قدرة اللّه تعالى على إعادة الإنسان يوم القيامة {تَذْكِرَةٌ} وتنبيه لمن يتفكر حتى يعلم الحق ويؤمن به {فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلاً} والسبيل إلى اللّه: هو السبيل المقرب إليه، وهو سبيل الرسول الذي سار فيه، وأشار إلى قوله: {يَالَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً}[الفرقان: ٢٧] فعلى العاقل أن يبحث عن ذلك السبيل ليسير فيه وهو الصراط المستقيم.
  (٣٠) {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا} {وَمَا تَشَاءُونَ} أن تتخذوا إلى ربكم سبيلاً لأنكم تحبون العاجلة وتصرفكم الذنوب بإفسادها للقلوب، فأنتم مشغولون بدنياكم فلا تشاءون {إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} هدايتكم بأن تتعرضوا لهدايته بالتوبة والدعاء، فالآية بعث على طلب الهداية والتوفيق، والتعرض لها بالتخلص من الذنوب وصلاح النية.
  فإن قيل: إذا كان هذا هو التسبيب فما هو المسبَّب؟
  فالجواب: أن الإنسان إذا أصر على العصيان تعرض للخذلان، وإذا تاب وأصلح تعرض للتوفيق وحسن الخاتمة، والسبيل إليه هي الخاتمة الحسنة؛ لأنها هي التي تنفع ويصير صاحبها {فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ}[القمر: ٥٥] فأما البداية فهي سبب لها، أو نقول: إن السبيل إلى اللّه: هي طاعة اللّه المستمرة حتى الممات، والتسبيب للاستمرار هو بأسباب التوفيق.