سورة المرسلات
  
  والمستقر هذا: هو الرحم الذي يحفظ الماء ويربيه حتى يتم خلقه، ومعنى {مَكِينٍ} أن له مكانة في المرأة يتمكن بها من حفظ الجنين وتربيته وتنميته ومكانته، بما جعل اللّه له من الصلاحية لذلك في نفسه، ومن العلاقة بمصادر غذاء الجنين ومواد نموه وتمامه وأسباب حياته، ومن المحل المناسب للحمل وإطاقته ... وغير ذلك.
  (٢٢) {إِلَى قَدَرٍ مَعْلُومٍ} وهو إخراجه بقدر اللّه وتحديده لموعده و {مَعْلُومٍ} قد علمه اللّه بموعده المحدد، وخروجه بتقدير اللّه تعالى آية؛ لأن الأم تعجز عن إخراجه، والطفل عاجز عن الخروج لضعفه وجهله، فلم يخرج إلا لأن اللّه أخرجه، وفي تحديد مدة الحمل إلى تمام خلق الجنين وتحمله للعيش بعد خروجه من الأم آية.
  (٢٣) {فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ} {فَقَدَرْنَا} على إخراجكم أحياء قد تم خلقكم ذوي أسماع وأبصار وأعضاء تامة مقدرة تقديراً حكيماً، وهذا على قراءة {فَقَدَرْنَا} بالتخفيف.
  فأما على قراءتها بالتشديد: فهو تقدير خلق الجنين، وتقدير أعضائه، وإتقان صنعه، كقوله تعالى: {خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ}[عبس: ١٩].
  {فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ} مدح وتعظيم لله في قدرته وتعظيم لقدرته، أما مدحه في قدرته فلأنه يحكم مصنوعاته ولا يفعل ما يخالف الحكمة، بل لا يفعل إلا ما تقتضيه الحكمة، وأما تعظيم القدرة فلما دلت عليه الآيات من قوله تعالى: {أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ} فثبت بذلك أنه تعالى قادر على بعثهم يوم الدين كما خلقهم أول مرة.