التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة المرسلات

صفحة 344 - الجزء 7

  ٢٨ انْطَلِقُوا إِلَى مَا كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ ٢٩ انْطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلَاثِ شُعَبٍ ٣٠ لَا ظَلِيلٍ وَلَا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ ٣١ إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ ٣٢


  (٢٧) {وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ وَأَسْقَيْنَاكُمْ مَاءً فُرَاتًا} {وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ} {فِيهَا} أي في الأرض {رَوَاسِيَ} جبالاً راسيات ثابتات راسخات في أماكنها لا تتحول عنها لثقلها ورسوخها في أماكنها {شَامِخَاتٍ} عاليات مشرفات في الهواء طوالاً مرتفعات، وهي دليل على قدرة خالقها، وهي تحفظ الأرض لئلا تميد بأهلها، ولعل ذلك برسوخها في الأرض مع ثقلها وأشكالها وموادها الحديدية وشموخها في الهواء.

  {وَأَسْقَيْنَاكُمْ مَاءً فُرَاتًا} وهو ماء المطر فراتاً عذباً، يزيل العطش، ويروي الناس وأنعامهم وزروعهم وأشجارهم، فالنعمة فيه عظيمة، والآية فيه على قدرة اللّه وعلمه واضحة جلية، وهكذا يجمع اللّه بين الاحتجاج على المكذبين والتذكير بالنعمة كما في (سورة الواقعة) في سياق الرد على المكذبين بالبعث: {أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ} إلى قوله تعالى: {.. فَلَوْلاَ تَشْكُرُونَ}⁣[آية: ٦٨ - ٧٠].

  (٢٨) {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ} فقد جمعوا بين الفساد في الأرض بتكذيبهم لآيات اللّه، وجمعوا بين كفر الجحود وكفر النعمة، فلهم الويل يوم القيامة، وفيما يلي تفصيل وبيان أسباب الويل.

  (٢٩) {انْطَلِقُوا إِلَى مَا كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ} يقال لهم يوم القيامة: انطلقوا إلى العذاب الذي {كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ} وانطلاقهم: مسيرهم إليه أو ذهابهم إليه بعد موقف الحساب، ويحتمل أن يقال لهم في أوقات متعددة يبشرون فيها بالنار مثل ساعة الموت، وعند خروجهم من قبورهم، وعند سوقهم إلى جهنم من موقف الحساب.