سورة المرسلات
  يَشْتَهُونَ ٤٢ كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ٤٣ إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ٤٤ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ٤٥ كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلًا إِنَّكُمْ
  (٤٠) {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ} من غضب اللّه وعذابه.
  (٤١ - ٤٤) {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلَالٍ وَعُيُونٍ وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} قابل تعالى بين حال المكذبين وحال المتقين لينظر الإنسان لنفسه، وينتبه من غفلته، بالمقابلة بين الحالتين فيعمل لما يسعد به وينجو من الشقوة الكبرى، والمتقون: هم المؤمنون الذين اتقوا ربهم بطاعته، والتوبة إليه عند كل زلة، ولا يصرون على ما فعلوا من المعاصي وهم يعلمون.
  والظلال: جمع ظل وهو الظل الحقيقي، فهو الظل الظليل لا كظل أهل النار، والعيون: عيون الماء وغيره من شراب الجنة، والفواكه معروفة، وهي أنواع كثيرة، ولهم من كل نوع ما يشتهون، ويقال لهم تكرمة لهم وترغيباً: {كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} فقوله: {بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} كقوله تعالى: {هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلاَّ الإِحْسَانُ}[الرحمن: ٦٠].
  وقوله: {إِنَّا} بعبارة العظمة التي تشير إلى قدرته وعلمه وعدله وحكمته وكرمه ورحمته وسعة فضله، وقوله: {كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} يشير إلى ما عند اللّه من الثواب للمحسنين، وكأن ما ذكره هنا إشارة إلى سائر ما لهم من النعيم والملك الكبير؛ لأنه قال: {كَذَلِكَ} أي مثل ذلك الذي أنتم فيه المذكور هنا {فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ}[السجدة: ١٧] وبعد توجيه الأذهان إلى الآخرة وما فيها للفريقين، قارن بها حال المكذبين تهجيناً لها وعودة إلى التحذير منها، فقال تعالى: