التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة النبأ

صفحة 357 - الجزء 7

  


  ويحتمل: أن إفراد الإشارة لأن المراد به جنس شرابهم، وأن الضمير رجع إلى الغساق وحده؛ لأن أزواج شرابهم يجمعها اسم الحميم، وهي أنواع باعتبار الصفات المختلفة، ولكن هذا لا ينافي وحدة الحميم والغساق، لكون الغساق من أنواع الحميم - والله أعلم.

  والآية التي نحن فيها تدل بالحصر والقصر على أن أزواج الشراب المذكورة في قول اللّه تعالى: {وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ}⁣[ص: ٥٨] هي من الحميم، وإلا لزم أن يكون لهم شراب غير الحميم والغساق، وهو خلاف ظاهر الآية، ولا يصح دعوى التخصيص قبل تحقق خروجها عن اسم الحميم والغساق؛ لأن الأصل بقاء الحصر على ظاهره، ولا مانع أن يكون الحميم الذي يشربونه ماء صديداً، كما قال تعالى: {وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ}⁣[إبراهيم: ١٦] وإنما الترجيح في معنى (الغساق) في اللغة وتفسيره بما يسيل من صديد أجساد أهل النار يحتاج إلى دليل صحيح، وكذا تفسيره بما يقطر من أجسادهم.

  (٢٦) {جَزَاءً وِفَاقًا} جزاء موافقاً لجرائمهم مماثلاً لها، جزاء سيئة بمثلها.

  (٢٧) {إِنَّهُمْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ حِسَابًا} {إِنَّهُمْ} أي إن الطاغين المذكورين سابقاً {كَانُوا} لا يؤمّلون محاسبة لهم على جرائمهم؛ لأنهم لا يؤمنون بيوم الحساب، قال الإمام الهادي #: «ومعنى {يَرْجُونَ} يأملون في مخرج الكلم [و] هاهنا هو لا يخافون ويتقون ويخشون {حِسَابًا}» انتهى.

  قلت: يعني #: أن هذا هو المراد من نفي الرجاء والتأميل، فهو كناية عنه، أو أراد # أن معناه: لا يؤملون في غير هذا الموضع وهو المعنى الأصلي، أما هاهنا فمعناه: لا يخافون، وهو نظير ما قلت في: {إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلاَقٍ حِسَابِيَه}⁣[الحاقة: ٢٠].