التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة النازعات

صفحة 379 - الجزء 7

  الْكُبْرَى ٣٤ يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ مَا سَعَى ٣٥ وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرَى ٣٦ فَأَمَّا مَنْ طَغَى ٣٧ وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ٣٨ فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى


  {مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ} هذه النعم وتهيئة الأرض لعيشكم فيها {مَتَاعًا} متعناكم به والمتاع: المنفعة القصيرة المدة، فاعتبرت متاعاً لأن الإنسان لا يبقى فيها إلا مدة قليلة ثم يرتحل إلى دار القرار، ألا ترى إلى قول مؤمن آل فرعون: {يَاقَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ}⁣[غافر: ٣٩] فهذه دلائل على قدرة اللّه على إعادة الإنسان في الآخرة، كما هي دلائل على نعم اللّه تعالى الموجبة لشكره واجتناب الكفر.

  (٣٤) {فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى} في (المصابيح): «عن الحسين بن القاسم #: وإنما سميت (طامة) لعلوها ورفعتها، وهولها عند وقعها، ووثوبها بغتة وسرعتها، وأصل الطمّ في الارتفاع في الهواء سريعاً سريعاً معاً معاً» انتهى المراد.

  وفي (لسان العرب): «طمّ الماء يطم طماً وطموماً، علا وغمر، وكل ما كثر وعلا حتى غلب فقد طم يطم وطمَّ الشيء يطمُّه طماً غمره» انتهى المراد، فظهر أن {الطَّامَّةُ} هنا بمعنى: الواقعة على العالم، العامة لأهل السموات والأرض، القاهرة لهم، ثم قال: {الْكُبْرَى} فزادها تعظيماً وتهويلاً.

  (٣٥) {يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ مَا سَعَى} تفسير لحين مجيء الطامة، فهو يوم يتذكر الإنسان ما قدم في الدنيا، إما لأن اللّه تعالى ألهمه لشدة خوفه من السيئات وطمعه في الحسنات، وإما لأنه يراه في كتابه وإما لذلك كله.

  (٣٦) {وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرَى} أظهرت ليروها، قال تعالى: {ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ}⁣[التكاثر: ٧] وفي (الكشاف): «أي لكل أحد، يعني أنها تظهر إظهاراً بيناً مكشوفاً، كقوله: قد بين الصبح لذي عينين، يريد لكل من له بصر، وهو مثل في الأمر المنكشف الذي لا يخفى على أحد» انتهى.