سورة عبس
  مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ ١٤ بِأَيْدِي سَفَرَةٍ ١٥ كِرَامٍ بَرَرَةٍ ١٦ قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ ١٧ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ ١٨ مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ ١٩ ثُمَّ
  {كَلَّا إِنَّهَا} قال الإمام القاسم بن إبراهيم #: «معناه: نعم إنها تذكرة و (كلاَّ) هاهنا بمعنى (نعم) وليست بمعنى (لا) كغيرها» انتهى. وهذه الجملة دالة على هوان المتكبرين عند اللّه، بحيث نهى رسوله عن التلهي بهم، وذمهم على العبوس والتولي {تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ} ذكر اللّه واطرح الكبر؛ لأن هذا الكلام تذكرة لهم من كتاب الله.
  (١٣ - ١٦) {فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ بِأَيْدِي سَفَرَةٍ كِرَامٍ بَرَرَةٍ} كقوله تعالى: {إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ}[الواقعة: ٧٧ - ٧٨] وقوله تعالى: {وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ}[الزخرف: ٤] إلا أن بينهما فرقاً، فـ (أم الكتاب) و (الكتاب المكنون) لعله باق في السماء، مثبت للملائكة يقرؤونه وأما هذه الصحف فهي {بِأَيْدِي سَفَرَةٍ} يحملونها ليبلغوا ما فيها، وهي {صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ} عند اللّه لكرامة القرآن المكتوب فيها {مَرْفُوعَةٍ} قدراً وشأناً أو مرفوعة قبل أن تنزل بها السفرة، وهم الرسل من الملائكة $ {مُطَهَّرَةٍ} لا يمسها إلا المطهرون.
  {كِرَامٍ} أهل تقوى لله وأخلاق كريمة ورغبة في هداية أهل الأرض {بَرَرَةٍ} أهل بر وإحسان وسعي في الخير والصلاح وطاعة لله، وهذه الجملة تعظيم للتذكرة القرآنية، ودلالة أنها منزلة من عند اللّه، والكلام من أول السورة عائد إلى الرسول وما جاء به من اللّه، ولما كان من جملة ما جاء به الإنذار والتذكرة، وكان الكافرون يكفرون باليوم الآخر، أتبعه بالدليل على قدرة اللّه على النشأة الآخرة، وعلى نعمته على الإنسان، فقال تعالى: