سورة الانفطار
  
  ما هو الذي غرك به حتى نسيت شكره، وكفرت نعمته، وكذبت رسله، وأطعت عدوه؟! وإنما ينبغي لك لو استعملت عقلك أن تشكره على نعمته وتطيعه؛ لأنه ربك الكريم الذي خلقك وأنعم عليك، وعمرك في هذه الحياة، وفتح لك باب التوبة، فما هي حجتك؟! أو ما هو عذرك حتى انخدعت؟! إنه لا حجة ولا عذر، ولكن حب العاجلة، واتباع هوى النفس، أدى إلى الطمع الفارغ في دوام النعمة مع الكفران، وأدى إلى التكذيب بآيات اللّه وجحد الآخرة والجزاء الأوفى، وصدق أمير المؤمنين ~ حيث قال عند هذا السؤال: «ادحض مسئول حجة، وأقطع مغتر معذرة، لقد أبرح جهالة بنفسه» انتهى.
  ومن أمثلة الاغترار بالله ما حكاه في قوله تعالى: {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا وَجَعَلْتُ لَهُ مَالاً مَمْدُودًا وَبَنِينَ شُهُودًا وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ}[المدثر: ١١ - ١٥] وفي قوله تعالى: {وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لاَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنقَلَبًا}[الكهف: ٣٥ - ٣٦] وقال تعالى: {وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى}[فصلت: ٥٠].
  و {الْكَرِيمِ} اسم جامع للصفات الخيرة الممدوحة، والبعد عن كل نقص وعيب - سبحانه وتعالى.
  (٧) {الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ} {مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ} وهو أولى بك وأحق أن تؤمن به وتعبده لأنه {الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ} جعلك بشراً سوياً محكم الصنع {فَعَدَلَكَ} ناسب بين أعضائك وعدل قامتك، فأنت منتصب غير مائل.