التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الانفطار

صفحة 414 - الجزء 7

  


  وفائدة هذا: هي التنبيه على أن اللّه فضل الإنسان في الصورة بمشيئته على غيره من الحيوانات، وهذا المعنى زائد على معنى {فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ} وفي تفضيل الإنسان على غيره في الصورة دلالة على قدرة اللّه وعلمه ونعمة عظيمة توجب عليه الشكر، فهي مرتبطة بما قبلها من قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الإِنسَانُ}.

  (٩) {كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ} {كَلَّا} حرف زجر وردع عن الاغترار بالله، لأن أمامهم أهوال القيامة، وموقف الحساب الذي يعلمون فيه ما قدموا وأخروا، فهو يستحق الاستعداد له وترك الاغترار، وقوله تعالى: {بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ} إضراب وترقٍّ من ذكر الاغترار إلى ما هو أشد وهو التكذيب بيوم الدين بعد وضوح الدلالة عليه، فهذا هو السبب العظيم لترك الإعداد له، وهو أساس الفساد وعماد الإصرار على الباطل؛ لأن تكذيبهم بالدين الذي هو الجزاء على ما عملوا في هذه الدنيا جرأهم على كل جريمة فعلوها من التكذيب بآيات اللّه وتكذيب رسله وكتبه وغير ذلك.

  (١٠ - ١٢) {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ ۝ كِرَامًا كَاتِبِينَ ۝ يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ} فما أسوأ حالكم في اغتراركم وتكذيبكم بالدين، وجرأتكم على الجرائم، وإصراركم على العصيان والتمرد، مع أن كل عمل عملتموه تحصيه الملائكة الحافظون، ويكتبون الصغيرة والكبيرة كلما قدمتم في حياتكم الدنيا، من حين عقلتم حتى هلكتم، فكيف تكون حالكم يوم القيامة وكشف الغطاء ومشاهدة الجزاء، إذا وضع الكتاب {لاَ يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا}⁣[الكهف: ٤٩].

  وفي (تفسير محمد بن القاسم #) فسر (الحافظين): «بأنهم الملائكة الذين يحفظون ما عمل المكلف ولا ينسونه أبداً» انتهى بالمعنى.