التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الانفطار

صفحة 417 - الجزء 7

  


  (١٧ - ١٨) {وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ ۝ ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ} هذا تعظيم وتهويل لذلك اليوم، أعني قوله: {وَمَا أَدْرَاكَ} {ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ} وهو حقيق بذلك؛ لأنه يوم فيه الحساب على الصغير والكبير من الأعمال، حيث الشاهد على العباد هو الحاكم فيهم، يوم فيه خضوع العالمين واستسلامهم لحكم ربهم.

  (١٩) {يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ} وحده يأمر بما شاء ويحكم ما يريد، لا شريك له في ملكه، ولا منازع له في أمره، في حال أنها تبرز الجحيم فتأتي ولها كلب ولجب وقصيف هائل، وهي تنادي: «إليّ بأهلي» كما قال أمير المؤمنين #، وأشار إليه القرآن في قوله تعالى: {لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ ۝ ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ ۝ ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ}⁣[التكاثر: ٦ - ٨] وقوله تعالى: {وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ ..}⁣[الأحقاف: ٢٠] وقوله تعالى: {إِذَا رَأَتْهُم مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا}⁣[الفرقان: ١٢] وقوله تعالى: {يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ ..} إلى قوله تعالى: {.. وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ}⁣[الحج: ٢].

  ويبين القرآن كثرة من يساقون إلى النار يوم الدين، قال تعالى: {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ ..} إلى قوله تعالى: {.. قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ}⁣[الأعراف: ٣٧ - ٣٨] وفي قوله تعالى: {فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ ۝ وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ}⁣[الشعراء: ٩٤ - ٩٥] وفي قوله تعالى: {لاَمْلاَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ}⁣[هود: ١١٩] وفي قوله: {أَجْمَعِينَ} ما يحق له أن ترتجف القلوب وتقشعر الجلود؛ لأنه يفهم منه أنهم من كل شعب من كل قبيلة، بل من كل عشيرة.