التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة المطففين

صفحة 428 - الجزء 7

  ١٧ كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ ١٨ وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ ١٩ كِتَابٌ مَرْقُومٌ ٢٠ يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ ٢١ إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ ٢٢ عَلَى


  ومنه قول أبي الأسود الدؤلي:

  وَخَامِلٍ مُقرِفِ الآباءِ ذي أدَبٍ ... نالَ المعاليَ بالآداب والرُّتَبَا

  أمسى عزيزاً عظيم الشأن مشتهراً ... في خدِّه صَعَرٌ قد ظل محتجبا

  ومعنى أنهم مبعدون: أنهم مهانون في ذلة وصغار.

  (١٦) {ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ} والترتيب بـ {ثُمَّ} هنا مستقيم على أصلها؛ لأن حجبهم في موقف الحساب {يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} وبعد ذلك يؤمر بهم إلى النار ويوقفون عليها ثم يلقون فيها فيصلونها نعوذ بالله.

  (١٧) {ثُمَّ يُقَالُ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ} أي {هَذَا} العذاب بهذه النار {الَّذِي كُنْتُمْ} في الدنيا {بِهِ تُكَذِّبُونَ} الرسل حين أنذروكم وتكذبون من حذر منه.

  (١٨) {كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ} {كَلَّا} زجر عن التكذيب بيوم الدين؛ لأن معناه: نفي الجزاء للفجار والأبرار و {كِتَابَ الْأَبْرَارِ} كتاب أعمالهم {لَفِي عِلِّيِّينَ} و {عِلِّيُّونَ} فسره قوله تعالى: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ ۝ كِتَابٌ مَرْقُومٌ ۝ يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ}

  (١٩ - ٢١) {وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ ۝ كِتَابٌ مَرْقُومٌ ۝ يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ} {وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ ۝ كِتَابٌ مَرْقُومٌ} فقد فسر {عِلِّيِّينَ} بأنه {كِتَابٌ مَرْقُومٌ} وعظم هذا الكتاب وشرّفه بقوله: {وَمَا أَدْرَاكَ} وبقوله: {يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ} والأقرب: أنهم الملائكة المقربون ليكرموا الأبرار، كما قال تعالى: {وَالْمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ ۝ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ}⁣[الرعد: ٢٣ - ٢٤] واطلاعهم على الكتاب مما يسر الأبرار، قال تعالى: {فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَه}⁣[الحاقة: ١٩] ومعنى {يَشْهَدُهُ} يحضره ويشاهده.