التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة البروج

صفحة 448 - الجزء 7

  الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ ١١ إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ ١٢ إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ ١٣ وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ


  قال في تخريجه: «أخرجه ابن إسحاق في (السيرة): حدثني يزيد بن أبي زياد، عن محمد بن كعب ... ذكره مطولاً» انتهى.

  قلت: وكانت هذه الحادثة قبل بعثة نبينا محمد ÷، وأظن في آخر القصة مبالغة بتكثير العدد وذكر أخاديد، وليس في القرآن ما يفيد أكثر من أخدود، مع أن عادة المؤمنين أن يكونوا قليلاً ولا سيما الخلَّص الذين يثبتون في حال الشدة - وبالله التوفيق.

  (١١) {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ} {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا} عام يدخل فيه الذين حرقوا في الأخدود، و {الْأَنْهَارُ} مجاري الماء، والمقصود بجري الماء من تحتها، فهي لا تزال خضراء لا تظمأ، وفي اجتماع الجنات والأنهار الجارية جمال أي جمال، و {الْفَوْزُ} هنا الظفر والفلاح، أو الظفر بالخير مع حصول السلامة، كما قال الراغب في (المفردات) وهو الأرجح، لقوله تعالى: {فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ}⁣[آل عمران: ١٨٥].

  (١٢) {إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ} قال في (الصحاح): «البطشة: السطوة والأخذ بالعنف» انتهى، وبطشه سبحانه بالظالمين هو الذي اقتضته عزته وحكمته، قال: {كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا}⁣[النساء: ٥٦].

  (١٣) {إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ} فهو القادر على البعث والجزاء والبطش بالظالمين.