التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الفجر

صفحة 483 - الجزء 7

  وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى ٢٣ يَقُولُ يَالَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي ٢٤ فَيَوْمَئِذٍ لَا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ ٢٥ وَلَا


  (٢٣) {وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى} {وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ} فصارت بحيث يراها المجرمون ويسمعون لها تغيظاً وزفيراً فيسألون وهم يرونها {يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى} {يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ} ما سعى في الدنيا من طاعة ومعصية، فيندم على ما فرط {وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى} أي ومن أين له الذكرى؛ لأنه مشغول بنفسه، فليس له من الذكرى إلا تذكر ما قدم في الدنيا بسبب شدة الخوف وحضور الجزاء على ما قدم.

  فأما التذكر الذي كان يدعى إليه في دار الخيار لمعرفة اللّه وعظمته وجلاله، ومعرفة حقه على عباده ووجوب شكر نعمته وقبح معصيته، والإيمان بما كان يجب الإيمان به على طريق الاختيار، والنظر في الآيات والإيمان بها، كل ذلك قد فات ولم يبق إلا ما اضطر إليه مما أهمه من العذاب ونحو ذلك، كتذكره أنه قد كان محتاجاً إلى أن يقدم في الدنيا لحياته الدائمة.

  (٢٤) {يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي} وهذا التمني لم يفده شيئاً، ولكنه يدل على ندمه حين لا ينفع الندم.

  (٢٥) {فَيَوْمَئِذٍ لَا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ} {فَيَوْمَئِذٍ} {إِذَا دُكَّتِ الأَرْضُ} {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ} {وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ} {لَا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ} أي لا يعذب كعذاب اللّه أحد، فهو الذي يعذب وحده لا شريك له، عذاباً زائداً على كل عذاب.