التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة البلد

صفحة 489 - الجزء 7

سورة البلد

  بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

  لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ ١ وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ ٢ وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ ٣ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ ٤ أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ ٥ يَقُولُ أَهْلَكْتُ


  (١ - ٢) {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ۝ لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ ۝ وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ} {لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ} البلد الحرام الذي هو مكة، وهذا قسم به وبما عطف عليه {وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ} أقسم بها في حال أنك حل بها، والتقدير: ألا أقسم، قال محمد بن القاسم @: «فكان قول اللّه: {لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ} إنما تفسيره: كيف لا أقسم بهذا البلد، ومعنى {حِلٌّ} حال وساكن، فزاد شرف هذا البلد، واستحق القسم به لكونك يا محمد حالاً به ساكناً فيه».

  (٣) {وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ} في تفسير (محمد بن القاسم @): «ثم قال تعالى فيما كرر من القسم وثنى: {وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ} لما في الولد والوالد من آياته وعجيب آثار تدبيره وقدرته، بينما الوالد كما جعله اللّه واحداً إذ خلق منه نسلاً كثيراً ..» إلخ.

  وفي الوالد آية من حيث ولد كيف ولد بقدرة اللّه خالق النطفة ومطور صنعها ومكمل خلقها حتى صارت إنساناً سميعاً بصيراً، وفي الولد آية حيث سخر اللّه له والديه لتربيته ورعايته حتى يكبر ويستقل بنفسه، وحتى يشب وينفع والديه إذا كبرا وصار نعمة لهما كما كان ريحانة لهما وكما كانا نعمة له، فاجتمع في المقسم به كونه آية، وكونه حكمة، وكونه نعمة للإنسان.

  (٤) {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ} {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ} جواب القسم، وهو يناسب أن المراد بوالد وما ولد هو الإنسان والداً ومولوداً من حيث هو آية، ومن جهة ما في ذلك من الحكمة والنعمة.