التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة البلد

صفحة 490 - الجزء 7

  


  وقد رجّح (صاحب الكشاف): أن المراد بالوالد: محمد ÷، وبالولد: ذريته ليناسب أول القسم، وبعضهم رجح: أن المراد بالوالد: إبراهيم، وبالولد: ابنه إسماعيل @ ليناسب كذلك أول القسم، وزعم أنه لابد من المناسبة بين المتعاطفين المقسم بهما.

  وقد يمكن أن يجاب بأنهما اشتركا في أن كلا منهما فيه حفظ للإنسان ورعاية، إلا أن أحدهما عام والآخر خاص، فوجود حرمة البلد الحرام فيه حفظ ورعاية لأهله، ووجود الإنسان بطريقة التوالد فيه حفظ للطفل ورعاية، أو للوالد والولد كما مر، وكلاهما محتاج إليه من حيث خلق الإنسان في كبد، إذا كان معنى (الكبد) العناء ومكابدة مشاق الحياة، وما يعرض فيها من الشقاق، وعدوان بعضهم على بعض - والله أعلم.

  وفي (تفسير محمد بن القاسم @) لهذه الآية: «يريد - والله أعلم - في تقويم واعتدال وانتصاب وصعد؛ لأن اللّه ø لم يخلق في الاعتدال والإصعاد والتقويم والكبد والانتصاب شيئاً من الأبدان غير بدن الإنسان، وفي ذلك عجب عجيب من التدبير والحكمة والبيان، ولذلك ما يقول اللّه سبحانه العليم الحكيم: {لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ}⁣[التين: ٤] تذكيراً من اللّه تبارك وتعالى بنعمته فيما خلقه فيه من الكبد، الذي هو التقويم والتصعيد، وتفضيله لخلق الإنسان على خلق جميع الأبدان ..» إلخ.

  وذكر # قول من فسر (الكبد) بالتعب والكد ثم قال: «والذي ذكرناه من تفسيره أولى وأشبه وأشرح وأنور وأفهم وأوضح» انتهى.

  وقد ذكر ذلك في (لسان العرب) فقال: «وفي (التنزيل): {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ} قال الفراء: يقول خلقناه منتصباً معتدلاً» انتهى، وفيه: «قال المنذري: سمعت أبا طالب يقول: الكبد: الاستواء والاستقامة» انتهى.