التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة البلد

صفحة 491 - الجزء 7

  مَالًا لُبَدًا ٦ أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ ٧ أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ ٨ وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ ٩ وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ ١٠ فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ ١١ وَمَا أَدْرَاكَ مَا


  ومناسبة هذا المعنى لما أقسم به واضحة، لأنه يكون كقوله تعالى: {وَهَذَا الْبَلَدِ الأَمِينِ ۝ لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ}⁣[التين: ٣ - ٤] ولأن الكل آيات ودلائل على تدبير اللّه للإنسان وإنعامه عليه ليترتب على ذلك إنذاره بأن اللّه الذي خلقه وأنعم عليه لن يسوي بين الشاكر والكافر لنعمته؛ لأنه أحكم الحاكمين.

  (٥) {أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ} {أَنْ لَنْ يَقْدِرَ} على إعادته وجزائه {أَحَدٌ} لأنه يصير عظاماً ورفاتاً، وقد خلقه اللّه {فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ}⁣[التين: ٤] فهو قادر عليه كما أنشأه أول مرة.

  (٦) {يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالًا لُبَدًا} في (تفسير محمد بن القاسم @): «واللبد: المتراكم الكثير الوافر الذي بعضه على بعض ..» إلخ، ومثله في (لسان العرب) وغيره.

  (٧) {أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ} أي قد رآه اللّه ولم يغب عنه ما صنع لكنه لا ينفعه ما يقول لأنه يفتخر به وهو في حال كفره لم يؤمن، ولم ينفقه كما شرع اللّه، بل إنما أنفقه للفخر والسمعة، وكان بعض العرب يفتخر بإتلاف المال، وفي (معلقة امرئ القيس):

  ويوم عقرت للعذارى مطيتي ... فياعجباً من كورها المتحمل

  فظل طهاة اللحم ما بين منضج ... صفيف شواء أو قدير معجل

  وفي (معلقة طرفة):

  وما زال تشرابي الخمور ولذَّتي ... وبيعي وإنفاقي طريفي ومُتْلَدي