التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة التين

صفحة 522 - الجزء 7

  الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ ٦ فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ ٧ أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ ٨


  وفي طور سيناء والحرم وذكرهما تذكير بما أنزل اللّه فيهما من الهدى، وجعل فيهما من الرسالة، ليذكر أهل الجاهلية الرسالات من اللّه إلى الأولين، ويعلموا أن رسول اللّه إليهم ليس بدعاً من الرسل، وجواب القسم في هذه السورة:

  (٤) {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} وتقويمه: تعديله وإتقان تركيبه وصنع أعضاءه، وكونه {أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} لأنه مفضل على سائر الحيوانات بتركيب بدنه ونصبه، واستغنائه عن المشي على يديه، وصلاحهما للعمل الكثير النافع، ومفضل بعقله وما ترتب عليه من المنافع الدينية والدنيوية.

  (٥) {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ} لأنه إن عمر أو لم يعمر يموت، فيصير جثة هامدة وجيفة، تأكله الدود وتأكل عظامه الأرض، وهكذا القرن بعد القرن يموت قرن ويحيى قرن، ثم يموت فيصير في {أَسْفَلَ سَافِلِينَ} فلماذا هذا الإتقان للصنع؟ ولماذا هذا الرد إلى أسفل سافلين من دون تمييز بين من استعمل عقله وأصلح في حياته ومن أساء في حياته وأفسد فكلهم يصير أسفل سافلين؟ إنه لابد من البعث من القبور ومجازاة المحسن بإحسانه خيراً وجعله في حياة لا موت بعدها سعيداً مخلداً.

  (٦) {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ} فلا يضرهم رد أجسادهم {أَسْفَلَ سَافِلِينَ} لأنهم يعودون خلقاً جديداً، ويعودون إلى أجر كريم لا يمنّ عليهم، بل يقال لهم: هذا جزاءكم بما صبرتم.