سورة التين
  
  والاستثناء هنا منقطع من المردود {أَسْفَلَ سَافِلِينَ} ويمكن أن يكون متصلاً على أن يكون المعنى: إلا الذين آمنوا فلا يردون أسفل سافلين؛ لأن أرواحهم تصير بعد خروجها من أجسادهم في سعادة، ولا يضرهم خراب أجسادهم لأن أرواحهم لا تزال في حياة وبشرى، فليسوا أسفل سافلين، فيكون الاستثناء متصلاً بناء على أن سعادة الأرواح من مبادئ الأجر الذي هو غير ممنون لأن الاستثناء مفسر بأن لهم {أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ} أو فلهم أجر غير مقطوع لا ينتهي كما انتهت الحياة الدنيا، بل هو {عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ}[هود: ١٠٨] وهذا مناسب للسياق، ويمكن حمله على المعنيين لعدم التنافي ومناسبة السياق لهما معاً، وكون السورة وجيزة وهو من الإيجاز، وهذا على جواز حمل المشترك على معنييه حيث لا مرجح ولا مانع.
  (٧) {فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ} أي بعد خلق الإنسان {فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} ورده {أَسْفَلَ سَافِلِينَ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا} فما يكذبك بعد ذلك بالدين أي بالجزاء، وقد بينا لك أنا لم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمسيء، فما الذي يجعلك مكذباً بالجزاء، وقد تبين أنه لابد منه في الحكمة.
  (٨) {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ} فكيف يصح منه أن يجعل الشاكر لنعمته كالكافر بها؟! ويجعل المسلمين كالمجرمين؟! سبحانه وتعالى عما يقول المكذبون بالدين.