التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة العلق

صفحة 529 - الجزء 7

  الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى ٦ أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى ٧ إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى ٨ أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى ٩ عَبْدًا إِذَا صَلَّى ١٠ أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى ١١ أَوْ أَمَرَ


  اللّه علم بأسباب العلم كلها من الفؤاد والسمع والبصر، إشارة إلى أن هذا القرآن سينتشر في الأرض بواسطة القلم، كما أن القلم انتشر به العلم في الأولين، ولله الحمد لقد انتشر القرآن النعمة العظمى في العالم، وصارت المصاحف تطبع في العالم بكثرة، وصار القرآن يقرأ حتى في بعض إذاعات الكفار فضلاً عن إذاعات المسلمين.

  (٥) {عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} من المعلومات المختلفة الكثيرة فهو يخرج من بطن أمه لا يعلم شيئاً، ثم يعلمه اللّه العلوم الكثيرة الدنيوية التي ينتفع بها في معاشه، والدينية بواسطة الرسل والكتب وهداية العقول للنظر في آيات الكون، فكما علمه ما لم يعلم، وذلك بكرم اللّه وتكريمه للإنسان، فكذلك ينشر العلم في أمتك بواسطة ما تقرأ، نعمة منه تعالى ورحمة للعالمين، وكرماً وفضلاً على هذا الإنسان الذي خلقه من علق، ثم طور خلقه وأكمل قوته وسمعه وبصره وعقله، ثم طور إعداده للكمال والسعادة الدائمة، بهذا القرآن العظيم والرسول الكريم، فهل شكر النعمة.

  (٦ - ٧) {كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى ۝ أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى} {كَلَّا} زجر وردع عن توهم أن الإنسان يشكر نعمة اللّه لأن الإنسان ظلوم كفار إنه {لَيَطْغَى} يتجاوز الحد في العصيان، بسبب أن رأى أنه غير محتاج إلى الطاعة وشكر النعمة والإيمان بالرسول؛ لظنه أن المال هو كل شيء ولا حاجة إلى الدين في ظنه، وذلك لجهله بالله واليوم الآخر، وأيضاً إنه يتصور بسبب ثروته أن حاله لن تتبدل، كما حكى اللّه تعالى قوله: {وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى}⁣[فصلت: ٥٠] لأنه يتخيل أنه محبوب عند اللّه، أو أنه صاحب حظ جيد لا يفارقه.