التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الفيل

صفحة 581 - الجزء 7

سورة الفيل

  بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

  أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ ١ أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ ٢ وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ ٣ تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ ٤ فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ ٥


  (١) {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ۝ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ} {الْفِيلِ} هو الدابة الضخمة الذي يعرفه من قد رآه أو رأى صورته، ومعنى {أَلَمْ تَرَ} ألم تعلم، وفائدته: التعجيب من فعل الله بهم فأصحاب الفيل كانوا باليمن من الحبشة وكانوا نصارى، وولي عليهم رجل من اليمن يدين بدين الحبشة، يقال له: أبرهة، وهذا هو الذي ذكره الإمام القاسم #: أن أبرهة يمني، فلا التفات إلى ما في (سيرة ابن هشام) مما يوهم أنَّه حبشي أو يصرح، وكانت لهم كنيسة بصنعاء أرادوا صرف العرب إليها وتحويلهم عن الكعبة، فهدم الكنيسة بعض العرب، فبعث أبرهة جيشاً وبعث معه بالفيل ليهدموا الكعبة المشرفة.

  {كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ} بالجيش الذين صحبوا الفيل، وبمن بعث به لهدم الكعبة {رَبُّكَ} الغالب على أمره، وفي قوله: {رَبُّكَ} إشارة إلى أن إرسالك يا محمد هو من أمره وحمايتك لتبلغ رسالته هو من أمره، فلابد أن يحميك كما حمى بيته.

  (٢) {أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ} {كَيْدَهُمْ} الذي دبروه لتخريب الكعبة وتحويل العرب عنها، وهو جمعهم واجتماعهم وما صحبوا به جيشهم من قوتهم وعدتهم وأموالهم الَّتِي مولوا بها جيشهم {فِي تَضْلِيلٍ} في تضييع لهم جعل كيدهم في تدمير لهم، ولعله تعالى قال في تضليل ولم يقل تضليلاً أو هو التضليل؛ لأن سبب هلاكهم أعم من كيدهم، وإنَّما كيدهم هو منه.