التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الناس

صفحة 617 - الجزء 7

سورة الناس

  بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

  قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ١ مَلِكِ النَّاسِ ٢ إِلَهِ النَّاسِ ٣ مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ ٤ الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ ٥ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ ٦


  (١ - ٤) {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ۝ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ۝ مَلِكِ النَّاسِ ۝ إِلَهِ النَّاسِ ۝ مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ} رب الناس: الله مالكهم الذي خلقهم ورزقهم {مَلِكِ النَّاسِ} وهو الله الذي يحكم فيهم ما يريد، وله الأمر والنَّهي والسلطان والقهر {إِلَهِ النَّاسِ} الذي تأله إليه ضمائر القلوب، ويفزع إليه كل مكروب، ويخشى ويرجى ويدعى فيجيب، وهو الله المعبود بحق.

  {مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ} وشره عظيم من حيث كثرته، فقد يكون بالدعوة إلى المعاصي وتزيينها، وقد يكون بشغل القلب عن ذكر الله في الصلاة وغيرها، وقد يكون بشغل القلب عن تدبر آيات القرآن وتفهم معانيه، فقد جعل الله له سورة مستقلة للأمر بالتعوذ منه بالله، وتأكيد التعوذ بتعليقه على ربوبيته وملكه وإلهيته، وإسناد الاستجارة بالله إليها، وفيه دلالة على نفع التعوذ بالله تعالى وحسنه من جهة الربوبية؛ لأنَّه رب كل شيء فهو القادر على صرف كل مكروه، ولأن له الملك، وهو القاهر فوق عباده، فهو من هذه الجهة - أيضاً - القادر على صرف المكروه من أي جهة يكون من عزيز أو ذليل أو قوي أو ضعيف، والتعوذ بالله من جهة الإلهية؛ لأن هذا التعوذ به دعاء له ولجوء إليه لقدرته على كل شيء وعلمه بحال المستجير واستجارته، فهو من عبادته الَّتِي أمر بها ورضيها لعباده، فالتعوذ به يرجى نفعه من حيث هو لله رضى وعبادة، كما تنفع سائر العبادات للتوسل إلى ما يطلبه العبد من إلهه.