التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة آل عمران

صفحة 599 - الجزء 1

  أَنْصَارٍ ١٩٢ رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ ١٩٣


  ويتفكرون في خلق السماوات والأرض، تفكراً يؤديهم إلى ذكر البعث والحشر والحساب والنار، تفكراً يبعثهم على اللجوء إلى الله والإعتراف بحكمته، وأن هذا الخلق خُلِقَ لأمر عظيم، فسبحوا ربهم عن العبث والإهمال وطلبوا الهداية لطريق النجاة من النار واللطف لاستعمال أسباب النجاة من النار.

  ومعنى (قِنَا) اجعل لنا وقاية من النار، وهو يشير إلى أنها تطلب أهلها، مثل: {رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ}⁣[الفرقان: ٦٥].

  (١٩٢) {رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ} قالوا: {إِنَّكَ} ولم يقولوا: إنه من يدخل النار، لأن الخزي من حيث أن الذي أدخله النار هو الله، فكان إدخاله النار فضيحة له ودلالة على استحقاقه لها بعمله، لأن الله أحكم الحاكمين، ودلالة على كفره لنعم الله في الدنيا وتمرده على أكرم الأكرمين الذي دعاه في الدنيا إلى رحمته، وفتح له باب توبته وعرض عليه طريق جنته فأبى إلا طاعة الشيطان واتباع هواه، فاستحق غضب الله ولعنته وعذابه الدائم.

  فالخزي من حيث افتضاحه بالإساءة في جنب الله العظيم، ومن حيث افتضاحه بسوء تدبيره لنفسه حيث اختار لها أسباب العذاب التافهة التي لا ينبغي لعاقل أن يرضاها بدلاً من السلامة من العذاب الدائم والثواب العظيم.