سورة آل عمران
  
  ألا ترى أن السارق إذا قطعت يده من أجل عشرة دراهم سرقها يكون قطعها خزياً عليه، حتى أن قومه قد يدافعون عنه ما استطاعوا لما في ذلك من العار، وفي هذه الآية ونحوها من الآيات ردّ على الجهلة الذين يقولون: «النار ولا العار» فهي منهم جهالة عظمى من حيث أن النار أشد من كل مصيبة ومن كل عار ومن حيث أنها عار على أهلها وخزي عظيم.
  قال في (الكشاف): «{فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ} فقد أبلغت في إخزائه، وهو نظير قوله: {فَقَدْ فَازَ} ونحوه في كلامهم: من أدرك مرعى الصمّان فقد أدرك، ومن سبق فلاناً فقد سبق» انتهى. الصمّان: موضع.
  {وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ} الأصل: وما لهم من أنصار، أي يدفعون عنهم عذاب الله، وأقيم الظاهر مقام المضمر للدلالة على أن سبب عذابهم هو الظلم والظلم كل حيف وجور سواء في معاملة المخلوقين أو معاملة الخالق، ولذلك قال: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}[لقمان: ١٣] لأنه حيف وجور ضد العدل والإنصاف.
  قال الشرفي | في (المصابيح): «قال إمامنا المنصور بالله #: دلت الآية على وجوب ذكر الله حيث يجب في الصلاة وغيرها، وأن من تعذر عليه القيام في الصلاة صلى قاعداً ومن تعذر عليه القعود صلى على جنبه وكيف أمكن، وعلى وجوب التفكر في السماوات والأرض وما خلق الله فيهما من الآيات، وعلى وجوب اعتقاد أن الله خلق الخلق لحكمة، وعلى تنزيه الله من أن يخلق شيئاً باطلاً لا حكمة فيه، وعلى الحث على الدعاء إلى الله تعالى في أن يقينا سبحانه عذاب النار بأن يوفقنا لما يرضيه ويعصمنا عما يسخطه سبحانه، ودل قوله: {وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ} على تحريم معاونة الظالمين؛ لأنه من النصر لهم» انتهى