سورة آل عمران
  
  وقال في (الميزان) [ج ٤/ص ٨٩]: «بحث فلسفي: المشاهدة والتجربة تقضيان أن الرجل والمرأة فردان من نوع جوهري واحد وهو الإنسان، فإن جميع الآثار المشهودة في صنف الرجل مشهودة في صنف المرأة من غير فرق وبروز آثار النوع يوجب تحقق موضوعه بلا شك. نَعَمْ، يختلف الصنف بشدة وضعف في بعض الآثار المشتركة، وهو لا يوجب بطلان وجود النوعية في الفرد.
  وبذلك يظهر: أن الاستكمالات النوعية الميسورة لأحد الصنفين ميسورة في الآخر، ومنها الاستكمالات المعنوية الحاصلة بالإيمان والطاعات والقربات، وبذلك يظهر عليك أن أحسن كلمة وأجمعها في إفادة هذا المعنى قوله سبحانه: {أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ}» انتهى المراد.
  وقوله تعالى: {فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ} يثبت لهم فضلين: فضل الهجرة إلى الله ورسوله، وفضل الإخراج من ديارهم لثباتهم على الإيمان فهو في الله، كقوله تعالى: {وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي} فهما فضيلتان لكونهما مسببين عن الإيمان واتباع الرسول، ولهما عليهما الأعواض وثواب الصبر الذي هو الثبات على الإيمان والهجرة في سبيل الله.
  وقوله تعالى: {وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا} أي {قَاتَلُوا} في سبيلي {وَقُتِلُوا} في سبيلي، وقوله تعالى: {وَقُتِلُوا} يحتمل أنه خاص بالقتلى، فيكون الكلام خاصاً بهم من قوله تعالى: {فَالَّذِينَ هَاجَرُوا ...} إلى آخر الآية، والأقرب: أنه شامل لهم ولإخوانهم هنا.
  وفي قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ ...} إلى قوله تعالى: {... فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ} لأن القتل مصيبة لهم كلهم وإن كان القتلى بعضهم،