التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة آل عمران

صفحة 605 - الجزء 1

  


  نظيره قولهم: {مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا} والمراد قتل إخوانهم، ولعل منه: {قُتِلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا} ونظيره قول الشاعر:

  أفتلك أم وحشية مسبوعة ... خذلت وهادية الصوار قوامها

  والبيت من (معلقة لبيد) إحدى (المعلقات السبع) قال في شرحه: «أي أصابها السبع بافتراس ولدها» انتهى.

  وليس على حذف مضاف أي قتل بعضهم ولكن على معنى أصابهم في القتال قتل.

  {لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ} كما سألوا {وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ} وقد دل هذا على وقايتهم عذاب النار؛ لأنها لا تكون إلا عقاباً على السيئات وقد صارت كأن لم تكن، ولأن دخول الجنة لازم للسلامة من النار لأنهما ضدان؛ والجنات هنا هي البساتين الغليظة التي تُجِنُّ أماكنها والأنهار مجاري الماء فهي مستمر فيها جري الماء، فالأشجار لا تزال خضراء لا تعطش، واجتمع جمال الأشجار وجري الأنهار، ثواباً على أعمالهم وإيمانهم وتفكرهم ودعائهم.

  {ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} فهو عظيم لأن الثواب يجمع بين العطاء والتكريم، والتكريم من الله عظيم؛ لأنه من العظيم {وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ} أعده لأوليائه بعدله وحكمته وفضله ورحمته سواء كان قد وجد أم كان في قوة الموجود؛ لأن الله قادر عليه عليم بما به يحسن الثواب من وجوه الثواب وصفاته، فهو سهل عليه كأنه موجود، فهذه صفات المؤمنين الذين بنوا إيمانهم على التفكر في آيات السماوات والأرض، وحققوا إيمانهم بالجهاد في سبيل الله وتحمل المشاق في سبيل الله، وهذه عقباهم.