سورة الأنبياء
سورة الأنبياء
  بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
  اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ ١ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ ٢ لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّوا
  بدء تفسير (سورة الأنبياء) $
  وهي (مكية) كما يظهر من مواضيعها
  (١) {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ} قال الشرفي في (المصابيح): «يعني مشركي قريش أطلق اسم الجنس على بعضه للدليل القائم، وهو ما يتلوه من صفات المشركين» انتهى.
  قوله تعالى: {اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ} الراجح: أنه مثل تقرَّب إليهم، يفيد: إقباله إليهم، وأنه في تقدمه إليهم قد قرب، وهذا من أجل (التاء) فأما تعديته بـ (اللام) حيث قال: {لِلنَّاسِ} ولم يقل: (إلى الناس) فلعله مثل: {بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ}[النساء: ١٣٨] {فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}[آل عمران: ٢١] كما لو قيل: اقبل له مكان أقبل عليه.
  فهو تهكم بالمعرضين الذين هم خطر عظيم، والأقرب: أنها (لام التعدية) أتي بها لأنه طالب لهم {حِسَابُهُمْ} الذي يترتب عليه جزاؤهم فأضيف إليهم وهو حساب أعمالهم، فقد اقترب منهم الخطر العظيم {وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ} عنه {مُعْرِضُونَ} عن المذكِّر لهم يأبون إلا البقاء على الغفلة، وهذا سوء اختيارهم لأنفسهم.
  (٢) {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ} {مِنْ رَبِّهِمْ} الذي يدعوهم إلى رحمته والنجاة من عذابه، وكفاهم أنه من ربهم المالك لهم ليصغوا إلى تذكيره ولا يعرضوا عنه، فما أبعدهم من التعقل ومن النظر لأنفسهم، كلما أتاهم ذكر من ربهم استمعوه بدون تفهم وبدون إقبال عليه بقلوبهم، بل مع اشتغال باللعب.