[ذكر مقتل زيد بن علي @]
  فَقَالَ لَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: أُذَكِّرُكَ اللَّه يَا أَبَا الْحُسَيْنِ، لَمَّا لَحِقْتَ بِأَهْلِكَ وَلَمْ تَقْبَلْ قَوْلَ أَحَدٍ مِنْ هَؤُلاَءِ الَّذِيْنَ يَدْعُوْنَكَ، فَإِنَّهُمْ لاَ يَفُوْنَ لَكَ، أَلَيْسُوا أَصْحَابَ جَدِّكَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ؟
  قَالَ: أَجَلْ، وَأَبَى أَنْ يَرْجِعَ، وَأَقْبَلَتِ الشِّيْعَةُ وَغَيْرُهُمْ تَخْتَلِفُ إِلَيْهِ يُبَايِعُوْنَهُ، حَتَّى أَحْصَى دِيْوَانُهُ خَمْسَ عَشْرَةَ أَلْفَ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْكُوْفَةِ خَاصَّةً، سِوَى أَهْلِ الْمَدَائِنِ وَالْبَصْرَةِ وَوَاسِطَ وَالْمَوْصِلِ وَخُرَاسَانَ وَالرَّيِّ وَجُرْجَانَ، وَأَقَامَ بِالْكُوْفَةِ بِضْعَةَ عَشَرَ شَهْراً، وَأَرْسَلَ دُعَاتَهُ إِلَى الآفَاقِ وَالْكُوْرِ يَدْعُوْنَ النَّاسَ إِلَى بَيْعَتِهِ.
  فَلَمَّا دَنَا خُرُوْجُهُ وَأَمَرَ أَصْحَابَهُ بِالاسْتِعْدَادِ وَالتَّهَيُؤِ فَجَعَلَ مَنْ يُرِيْدُ أَنْ يَفِيَ لَهُ يَسْتَعِدُّ وَشَاعَ ذَلِكَ، فَانْطَلَقَ سُرَاقَةُ الْبَارِقِيُّ إِلَى يُوْسُفَ بْنِ عُمَرَ، فَأَخْبَرَهُ خَبَرَ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ #، فَبَعَثَ يُوْسُفُ بْنُ عُمَرَ، وَطَلَبَ زَيْداً لَيْلاً فَلَمْ يُوْجَدْ عِنْدَ الرَّجُلَيْنِ الَّذِي سَعَى إِلَيْهِ أَنَّهُ عِنْدَهُمَا فَآتَهُمَا يُوْسُفُ، فَلَمَّا كَلَّمَهُمَا اسْتَبَانَ لَهُ أَمْرُ زَيْدٍ وَأَصْحَابِهِ، فَأَمَرَ بِهِمْ يُوْسُفُ فَضُرِبَتْ أَعْنَاقُهُمَا، وَبَلَغَ الْخَبَرُ زَيْداً فَتُخُوِّفَ أَنْ تُؤْخَذَ عَلَيْهِ الطَّرِيْقُ، فَتَعَجَّلَ الْخُرُوْجَ قَبْلَ الأَجَلِ الَّذِي ضُرِبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَهْلِ الأَمْصَارِ، وَاسْتَتَبَّ لِزَيْدٍ خُرُوْجُهُ، وَكَانَ قَدْ وَعَدَ أَصْحَابَهُ لَيْلَةَ الأَرْبِعَاءِ أَوَّل لَيْلَةٍ مِنْ صَفَرٍ سَنَةَ اثْنَيْنِ وَعِشْرِيْنَ وَمِائَةٍ فَخَرَجَ قَبْلَ الأَجَلِ، وَبَلَغَ ذَلِكَ يُوْسُفَ بْنَ عُمَرَ، فَبَعَثَ الْحَكَمَ بْنَ الصَّلْتِ يَأْمُرُهُ أَنْ يَجْمَعَ أَهْلَ الْكُوْفَةِ فِيْ الْمَسْجِدِ الأَعْظَمِ يَحْصُرُهُمْ فِيْهِ، فَبَعَثَ الْحَكَمُ إِلَى الْعُرَفَاءِ وَالشُّرُطِ وَالْمَنَاكِبِ وَالْمُقَاتِلَةِ فَأَدْخَلُوْهُمُ الْمَسْجِدَ، ثُمَّ نَادَى مَنَادِيه: