هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

(الباب الأول في الأخبار)

صفحة 281 - الجزء 2

  رجلاً منهم أبو هريرة وأبو سعيد وأنس بن مالك فشهدوا أنهم سمعوا رسول الله ÷ يقول: «من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه» أخرجه الطبراني في الأوسط.

  وعن أبي إسحاق عن عمرو ذي مُرٍّ وسعيد بن وهب وزيد ابن يُثَيع قالوا: سمعنا علياً يقول: نشدت الله رجلاً سمع رسول الله ÷ يقول يوم غدير خم لما قام⁣(⁣١)؟ فقام ثلاثة عشر رجلاً فشهدوا أن رسول الله ÷ قال: «ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى يا رسول الله، فأخذ بيد علي فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وأحب من أحبه وأبغض من أبغضه، وانصر من نصره واخذل من خذله». أخرجه البزار وابن جرير


(قوله): «يثيع» بضم التحتانية، وقد تبدل همزة بعدها مثلثة ثم تحتانية ساكنة ثم مهملة.


(١) قوله: لما قام فقام ... إلخ: قال في القاموس: ولما تكون بمعنى حين، ولم الجازمة، وإلا، وإنكار الجوهري كونه بمعنى «إلا» غير جيد، يقال: سألتك لما فعلت، أي: إلا فعلت، ومنه: {إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ ٤}⁣[الطارق]، {وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ ٣٢}⁣[يس]، وفي قراءة عبدالله بن مسعود: «إن كل لما كذب الرسل». اهـ كلامه من حرف الميم وفصل اللام. وقال الرضي ¥ في آخر باب الاستثناء: وقد تدخل «إلا ولما» بمعناها على الماضي إذا تقدمهما قسم السؤال، نحو نشدتك الله إلا فعلت، وقول عمر في كتابه إلى أبي موسى: عزمت عليك لما ضربت كاتبك سوطاً، كتبه إليه لما لحن في كتابه إلى عمر وكتب من أبو موسى، وقولهم: نشدتك الله من قولهم: نشدته كذا فنشده، أي: ذكرته فتذكر، فنشد المتعدي إلى واحد مطاوع للأول المتعدي إلى اثنين، والمعنى: ذكرتك الله بأن أقسمت عليك به وقلت: بالله لتفعلن، أو يكون نشدت بمعنى طلبت، أي: نشدت لك الله، كقوله تعالى: {أَبْغِيكُمْ إِلَهًا}⁣[الأعراف: ١٤٠]، أي: أبغي لكم، أي: طلبت لك الله من بين جميع ما يقسم به الناس لأقسم به تعالى عليك. ومعنى: إلَّا فعلت إلَّا فعلك، وإلا لنقض معنى النفي الذي تضمنه القسم؛ لأنك إذا حلَّفت - بتشديد اللام - غيرك بالله قسم الطلب فقد ضيقت عليه الأمر في فعل مطلوبك، فكأنك قلت: ما أطلب منك إلا فعلك، ففعلت بمعنى المصدر، مفعول به لما أطلب الذي دل عليه نشدتك الله، وإنما جعلته فعلاً ماضياً لقصد المبالغة في الطلب حتى كأن المخاطب فعل ما تطلبه وصار ماضياً ثم أنت تخبر عنه، فهو مثل قوله تعالى: {وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا}⁣[الزمر: ٧١]، {وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ}⁣[الأعراف: ٥٠]، وقولهم: رحمك الله، ومعنى: عزمت عليك أي: أوجبت عليك، وهو من قسم الملوك. اهـ المراد نقله من كلام الرضي بلفظه.