هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

(الباب الأول في الأخبار)

صفحة 299 - الجزء 2

  ذلك فيه الحافظ زين الدين العراقي، وكوضع من ألجئ إلى إقامة دليل على ما أفتى به كما نقل عن أبي الخطاب بن دحية⁣(⁣١) أنه وضع حديثاً في قصر صلاة المغرب.

  وكما حكي عن عبدالعزيز بن الحارث التميمي الحنبلي من رؤساء الحنابلة وأكابر البغاددة روى الخطيب الهيثم بإسناده إلى عمر بن مسلم قال: حضرت مع عبدالعزيز بعض المجالس فسئل عن فتح مكة فقال: عنوة، فطولب بالحجة فقال: حدثنا ابن الصواف حدثني أبي قال: حدثنا عبدالرزاق عن معمر عن الزهري عن أنس بن مالك ¥ أن الصحابة اختلفوا في فتح مكة أكان صلحاً أم عنوة فسألوا عن ذلك رسول الله ÷ فقال: كان عنوة، قال عمر بن مسلم: فلما قمنا سألته فقال: صنعته في الحال أدفع به الخصم⁣(⁣٢).

  وكوضع الذين يتدينون بذلك لترغيب الناس في أفعال الخير بزعمهم وهم منسوبون إلى الزهد، وهؤلاء أعظم الناس ضرراً؛ لأنهم يحتسبون⁣(⁣٣) بذلك ويرونه قربة، والناس


(١) انظر البدر الساري شرح صحيح البخاري للقسطلاني (٢/ ٢٩٦).

(٢) ميزان الاعتدال (٢/ ٦٢٥).

(٣) قال زين الدين ما معناه: فمن ذلك الذين كانوا يكذبون حسبة وتقرباً إلى الله تعالى أبو عصمة نوح بن أبي مريم المروزي قاضي مرو، روى الحاكم بسنده إلى أبي عمار المروزي أنه قيل لأبي عصمة: من أين لك عن عكرمة عن ابن عباس في فضائل القرآن سورة سورة، وليس عند أصحاب عكرمة هذا؟ فقال: إني رأيت الناس قد أعرضوا عن القرآن واشتغلوا بفقه أبي حنيفة ومغازي محمد بن إسحاق، فوضعت هذا الحديث حسبة. وكان يقال لأبي عصمة هذا: نوح الجامع، فقال أبو حاتم بن حبان: جمع كل شيء إلا الصدق، وقال الحاكم: وضع حديث فضائل القرآن. وروى ابن حبان في مقدمته تأريخ الضعفاء عن ابن مهدي قال: قلت لميسرة بن عبد ربه: من أين جئت بهذه الأحاديث: من قرأ كذا فله كذا؟ قال: وضعتها أرغب الناس بها. وهكذا حديث أبي الطويل في فضائل القرآن، فروينا عن المؤمل بن إسماعيل قال: حدثني شيخ به، فقلت للشيخ: من حدثك؟ فقال: حدثني رجل بالمدائن وهو حي، فصرت إليه فقلت: من حدثك؟ فقال: حدثني شيخ وهو حي، فصرت إليه فقلت: من حدثك؟ قال: حدثني شيخ بالبصرة، فصرت إليه، فقال: حدثني شيخ بعبادان، فصرت إليه فأخذ بيدي فأدخلني بيتاً فإذا فيه قوم من المتصوفة ومعهم شيخ فقال: هذا الشيخ حدثني، فقلت: يا شيخ من حدثك؟ فقال: لم يحدثني أحد، ولكنا رأينا الناس قد رغبوا عن القرآن فوضعنا لهم هذا الحديث ليصرفوا قلوبهم إلى القرآن. قال: وكل من أودع هذا الحديث تفسيره كالواحدي والثعلبي والزمخشري مخطئ في ذلك لكن من أبرز إسناده منهم فهو أبسط لعذره؛ إذ قد أحال ناظره على الكشف عن سنده. (تنقيح الأنظار).