(الباب الأول في الأخبار)
  ذلك فيه الحافظ زين الدين العراقي، وكوضع من ألجئ إلى إقامة دليل على ما أفتى به كما نقل عن أبي الخطاب بن دحية(١) أنه وضع حديثاً في قصر صلاة المغرب.
  وكما حكي عن عبدالعزيز بن الحارث التميمي الحنبلي من رؤساء الحنابلة وأكابر البغاددة روى الخطيب الهيثم بإسناده إلى عمر بن مسلم قال: حضرت مع عبدالعزيز بعض المجالس فسئل عن فتح مكة فقال: عنوة، فطولب بالحجة فقال: حدثنا ابن الصواف حدثني أبي قال: حدثنا عبدالرزاق عن معمر عن الزهري عن أنس بن مالك ¥ أن الصحابة اختلفوا في فتح مكة أكان صلحاً أم عنوة فسألوا عن ذلك رسول الله ÷ فقال: كان عنوة، قال عمر بن مسلم: فلما قمنا سألته فقال: صنعته في الحال أدفع به الخصم(٢).
  وكوضع الذين يتدينون بذلك لترغيب الناس في أفعال الخير بزعمهم وهم منسوبون إلى الزهد، وهؤلاء أعظم الناس ضرراً؛ لأنهم يحتسبون(٣) بذلك ويرونه قربة، والناس
(١) انظر البدر الساري شرح صحيح البخاري للقسطلاني (٢/ ٢٩٦).
(٢) ميزان الاعتدال (٢/ ٦٢٥).
(٣) قال زين الدين ما معناه: فمن ذلك الذين كانوا يكذبون حسبة وتقرباً إلى الله تعالى أبو عصمة نوح بن أبي مريم المروزي قاضي مرو، روى الحاكم بسنده إلى أبي عمار المروزي أنه قيل لأبي عصمة: من أين لك عن عكرمة عن ابن عباس في فضائل القرآن سورة سورة، وليس عند أصحاب عكرمة هذا؟ فقال: إني رأيت الناس قد أعرضوا عن القرآن واشتغلوا بفقه أبي حنيفة ومغازي محمد بن إسحاق، فوضعت هذا الحديث حسبة. وكان يقال لأبي عصمة هذا: نوح الجامع، فقال أبو حاتم بن حبان: جمع كل شيء إلا الصدق، وقال الحاكم: وضع حديث فضائل القرآن. وروى ابن حبان في مقدمته تأريخ الضعفاء عن ابن مهدي قال: قلت لميسرة بن عبد ربه: من أين جئت بهذه الأحاديث: من قرأ كذا فله كذا؟ قال: وضعتها أرغب الناس بها. وهكذا حديث أبي الطويل في فضائل القرآن، فروينا عن المؤمل بن إسماعيل قال: حدثني شيخ به، فقلت للشيخ: من حدثك؟ فقال: حدثني رجل بالمدائن وهو حي، فصرت إليه فقلت: من حدثك؟ فقال: حدثني شيخ وهو حي، فصرت إليه فقلت: من حدثك؟ قال: حدثني شيخ بالبصرة، فصرت إليه، فقال: حدثني شيخ بعبادان، فصرت إليه فأخذ بيدي فأدخلني بيتاً فإذا فيه قوم من المتصوفة ومعهم شيخ فقال: هذا الشيخ حدثني، فقلت: يا شيخ من حدثك؟ فقال: لم يحدثني أحد، ولكنا رأينا الناس قد رغبوا عن القرآن فوضعنا لهم هذا الحديث ليصرفوا قلوبهم إلى القرآن. قال: وكل من أودع هذا الحديث تفسيره كالواحدي والثعلبي والزمخشري مخطئ في ذلك لكن من أبرز إسناده منهم فهو أبسط لعذره؛ إذ قد أحال ناظره على الكشف عن سنده. (تنقيح الأنظار).