(الباب الأول في الأخبار)
  وقد اعترض عليه بوجوه: الأول قولهم: لا نسلم أن العمل في هذه الوقائع كان بهذه الأخبار؛ لجواز أن يكون بغيرها ولا يلزم من موافقة العمل للخبر أن يكون الخبر هو السبب.
  والجواب: أنه قد علم من سياقها أن العمل بها، والعادة تحيل كون العمل بغيرها(١).
  الثاني قولهم: ما ذكرتموه معارض بأن عمر رد خبر فاطمة بنت قيس في أن النبي ÷ لم يجعل لها سكنى ولا نفقة(٢)، وأبو بكر وعمر خبر عثمان في أن النبي ÷ أذن له في رد الحكم إلى المدينة، وعلي # رد خبر أبي سنان(٣) الأشجعي(٤) في قصة بَرْوَع بنت واشق، وأنكرت عائشة خبر ابن عمر في تعذيب الميت ببكاء أهله عليه.
(قوله): «في قصة بروع» بفتح الباء، وأهل الحديث يكسرونها، ذكره في التلويح. والمراد بقصتها ما رواه أبو داود عن مسروق عن ابن مسعود في رجل تزوج امرأة ومات عنها ولم يدخل بها ولم يفرض لها صداقاً فقال ابن مسعود: لها الصداق كاملاً، وعليها العدة، ولها الميراث، فقال معقل بن سنان: سمعت رسول الله ÷ قضى بها في بروع بنت واشق. وكان ابن مسعود متردداً هل وافق الحق أم أخطأ؛ ولذلك قال: فإن كان صواباً فمن الله، وإن كان خطأ فمني ومن الشيطان، فقال معقل قضيت بما قضى به رسول الله ÷.
(قوله): «وأنكرت عائشة خبر ابن عمر» لكن ليس مما نحن فيه[١]، فإن خبره فيما يحتاج فيه إلى العلم، كذا نقل.
(١) فلو كان العمل بغير الخبر مع كثرته لامتنع عادة خفاؤه عنا، وإلا لظهر لنا، وأيضاً فإن عمر قال: لو لم نسمع هذا لقضينا فيه بغير هذا، وقول ابن عمر: حتى روى لنا رافع بن خديج أن النبي ÷ نهى عن ذلك فانتهينا، إلى غير ذلك من الأحاديث المروية عن الصحابة الدالة على العمل بخبر الواحد. (من غاية الوصول للمحلي).
(٢) أخرج خبر فاطمة الستة إلا البخاري، وأخرج رد عمر له أبو داود.
(٣) هو معقل بن سنان، وقع في حديثه الذي أخرجه أحمد وأصحاب السنن وابن حبان والحاكم في شأن بروع بنت واشق أنه مات عنها زوجها وقد نكحت بغير مهر فقضى لها النبي ÷ بمهر نسائها والميراث.
(*) في حاشية: أخرجه أبو داود عن ابن مسعود، ولم يذكر رد علي له.
(٤) في نسخة القاسمي: خبر معقل بن سنان الأشجعي.
[١] والذي نحن فيه هو وجوب العمل بخبر الآحاد في مسائل الفروع، وخبر ابن عمر مدلوله من مسائل الأصول فتأمل (ح عن خط شيخه).