هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

(الباب الأول في الأخبار)

صفحة 314 - الجزء 2

  ولا يجب⁣(⁣١) قياسها عليها لعدم التماثل، وهو شرط القياس؛ ولذلك أبطل قاضي القضاة هذا القياس حيث أشار إلى أن العقليات والمعاملات مبنية على غالب الظن، والشرعيات مبنية على المصالح، فإذا لم نأمن كذب المخبر فيها لم نأمن من الوقوع في المفسدة.

  سلمناه⁣(⁣٢) لكنه قياس فلا يفيد إلا الظن؛ لجواز كون خصوصية الأصل شرطاً⁣(⁣٣) أو خصوصية الفرع مانعاً، والمسألة أصولية لا يجدي فيها الظن شيئاً.

  والجواب عن الثاني: بمنع الثانية، أما عندنا فللاستغناء بالعقل، وأما عند الأشاعرة فلأن الحكم فيما لا دليل فيه نفي الحكم⁣(⁣٤) وعدم الدليل دليل على عدم الحكم لما ورد الشرع بأن ما لا دليل فيه لا حكم فيه، فكان عدم الدليل لعدم الحكم مَدْرَكاً شرعياً⁣(⁣٥) ولم يلزم إثبات حاكم غير الشرع.

  احتج القائلون بدلالة السمع على أن خبر الآحاد لا يكون حجة بقوله تعالى⁣(⁣٦):


(قوله): «والجواب عن الثاني» أي: الاستدلال الثاني، وهو استدلال غير أبي الحسين.

(قوله): «بمنع الثانية» أي: بطلان اللازم. قد عرفت أن اللازم هو خلو وقائع، فبطلانه عدم جواز خلو وقائع ومنع البطلان هو جواز الخلو عقلاً كما أشار إليه في شرح المختصر، فما ذكره المؤلف # في بيان بطلان اللازم من الاستغناء بالعقل عندنا وبأن الحكم فيما لا دليل فيه عدم الحكم لا يلائم ذلك؛ فإن ما ذكره بيان لمنع الملازمة لا لبطلان اللازم؛ ولذا جعله في شرح المختصر سنداً لمنع الملازمة حيث قال: لكنا نمنع الملازمة؛ لأن الحكم فيما لا دليل فيه نفي الحكم.


(١) في العضد: ولا يجوز.

(٢) أي: القياس.

(٣) هي كونه عقلياً، وقوله: «أو خصوصية الفرع» هي كونه شرعياً.

(٤) ومدركه شرعي، وهو وجوب العمل بالبراءة الأصلية المستفادة من الشرع. (غاية الوصول). فلا يلزم الخلو.

(٥) للإجماع على أن ما لا دليل فيه فهو منفي. (سعد).

(٦) أقول: هاهنا بحثان: أحدهما: أن الآية وإن دلت على النهي عن اتباع الظن مطلقاً على ما اعترف به المستدل، لكن له أن يقول: هذا إلهام مخصوص بما لا يكون قطعي المتن؛ وذلك للاتفاق بيننا وبينكم على صحة العمل بظواهر الكتاب، وإنما النزاع في العمل بخبر الواحد، فيمكن لهم المنع عن التعبد به بظاهر الكتاب. وثانيهما: أن للمستدل أن يقرر دليله هكذا: لو وجب العمل بخبر الواحد لإفادته الظن لوجب العمل بظاهر الآيتين المذكورتين، ولو وجب العمل بظاهرهما يلزم عدم العمل بخبر الواحد لظنيته، أنتج: لو وجب العمل بخبر الواحد لم يجز العمل به، =