هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

(الباب الأول في الأخبار)

صفحة 315 - الجزء 2

  {(وَلَا تَقْفُ) مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ}⁣[الإسراء]، فنهى عن اتباع الظن، وبقوله تعالى: {(إِنْ يَتَّبِعُونَ) إِلَّا الظَّنَّ}⁣[الأنعام: ١١٦]، فذم باتباع الظن، والنهي والذم دليل التحريم.

  (ونحوهما) كقوله تعالى: {وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ٣٣}⁣[الأعراف].

  بيان ذلك: أن من عمل بالآحاد فقد عمل بالظن، ومن عمل بالظن في أحكام الله تعالى فقد قال على الله ما لا يعلم، وذلك أمر الشيطان؛ بشهادة أول الآية الكريمة⁣(⁣١).

  والجواب: أن ما ذكروه (ظاهر) والمدعى أصل فلا يمنعه إلا قاطع، وما ذكروه قابل للتخصيص⁣(⁣٢) والتأويل، كتأويل العلم بما يعم الظن والقطع، وتأويل الظن بالشك والوهم، وغير مسلم عمومه في الأشخاص والأزمان⁣(⁣٣) والمتعلقات، على أن دليلنا⁣(⁣٤) قاطع فلا يعارَض بالمحتملات.


(قوله): «والمتعلقات» أي: متعلقات الأحكام كما في الفروع.


= وما يلزم من فرض وقوعه نقيضه فهو باطل، فالعمل بخبر الواحد كان باطلاً، لكن اللازم من هذا التقرير عدم العمل بظاهر الكتاب أيضاً. (ملا حبيب ميرزاجان).

(*) في المختصر: {ولا تقف} {إن يتبعون إلا الظن} وقد تقدم، ويلزهم أن لا يمنعوه إلا بقاطع. قال الحلي: وقد تقدم الجواب عن هذا وأن المراد المنع من العمل بخبر الواحد فيما يوجب العلم؛ جمعاً بينه وبين الدليل العقلي الدال على جواز التعبد بخبر الواحد على ما مضى، ثم إن المصنف ألزم هؤلاء القوم إلزاماً صعباً، وهو ألا يمنعوا من العمل بخبر الواحد إلا بدليل قطعي يفيد المنع؛ لأن المفيد للمنع لو كان ظنياً لما جاز اتباعه، وإلا لكان المتبع له⁣[⁣١] مخالفاً للنهي عن اتباع الظن، ولا شك أن أدلتهم الدالة على المنع من الاتباع للظن ظنية، وفي ذلك إبطال الشيء بنفسه. (غاية الوصول).

(١) وهو قوله تعالى: {إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ}⁣[البقرة: ١٦٩].

(٢) لأن ما ذكروه عام في القضايا والأحكام، وليس بعام في الأشخاص والأزمان كما نذكره الآن.

(*) فيما له عموم، وهو القضايا والأحكام، فيخص بما يطلب فيه العلم من الأصول الكلية والاعتقاديات مطلقاً فتذكر. (سعد الدين).

(٣) وجه التخصيص في الأشخاص والأزمان أن يقال: يمكن ألا يجوز للصحابة أو في زمان وجود النبي ÷ الاتباع للظن؛ إذ يتيسر لهم في زمانه تحصيل العلم، ويجوز لغيرهم وفي زمان آخر لتعسر تحصيله. (ميرزاجان).

(٤) وهو إجماع السلف على العمل به.


[١] في المطبوع: لكان الممتنع مخالفاً. والمثبت من غاية الوصول للحلي.