هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[فصل: في شروط العمل بأخبار الآحاد]

صفحة 327 - الجزء 2

  وشرائط يتعذر ضبطها أو يتعسر⁣(⁣١)، والجرح بمنزلة عدم لذلك الوصف، فيكفي فيه انتفاء واحد من الأجزاء والشروط، فيجب ذكره.

  وثانيها قوله: (وقيل:) يجب ذكر (سبب التعديل) دون سبب الجرح (للتسارع) الذي جبلت عليه النفوس (إلى البناء على الظاهر) من غير نظر إلى الحقائق، والعدالة مما تلتبس على الناس لكثرة التصنع فيها، بخلاف الجرح.

  وثالثها قوله: (وقيل:) يجب ذكر (سببهما للأمرين) المذكورين في توجيه القول الأول والثاني.

  ورابعها قوله: (وقيل: لا) يجب ذكر سبب (أيهما) مطلقاً، فيكفي الإطلاق في الجرح والتعديل، وهذا قول القاضي أبي بكر الباقلاني، وهو مروي عن الإمام يحيى بن حمزة، واحتج له بقوله: (لأنه) أي: الجارح والمعدل (بصير) على ما هو المفروض


(قوله): «والعدالة مما تلتبس ... إلخ» هذا دليل مستقل قد اقتصر عليه في شرح المختصر وشرح الجمع، فلو قال المؤلف #: ولأن العدالة ... إلخ لظهر استقلاله.

(قوله): «لكثرة التصنع من المعدل» بفتح الدال، أي: تكلف حسن السمت بالرياء والاحتراس عما ينكره الناس فيحتاج إلى التفصيل بخلاف الجرح فلا التباس لعدم ما ذكر فيه.

(قوله): «للأمرين المذكورين» الأول: انضباط سبب الجرح، والثاني: التسارع. لكن ينظر في صحة الاستدلال بهما⁣[⁣١] للقول بوجوب ذكر سبب الجرح والتعديل جميعاً مع أن الانضباط دليل وجوب ذكر سبب الجرح دون التعديل، والتسارع دليل وجوب ذكر سبب التعديل دون الجرح. والذي في شرح المختصر الاستدلال لهذا القول بأنه لو اكتفى بالإطلاق للزم إثبات الجرح والتعديل بالشك؛ لكثرة الخلاف في أسبابهما، فيلتبس عليه الجرح بالتعديل، فيقول: إنه مجروح بناء على اعتقاده، واللازم ظاهر البطلان؛ إذ المعتبر في إثباتهما الظن. ثم أجاب بمنع اللزوم؛ إذ الظاهر من حال المعدل أنه يخبر عن ظن غالب، فلا شك في خبره.


(١) في تنقيح الأنظار ما لفظه: أما العدالة فلا يجب ذكر سببها؛ لأنه يؤدي إلى ذكر اجتناب جميع المحرمات وفعل جميع الوجبات كما أشار إليه زين الدين، وكما بينته في العواصم، وهذا شيء لم يفعله⁣[⁣٢] أحد من الأمة أبداً، ولأنها الأصل في أهل الإسلام فتقوت وترجحت بأدنى سبب.


[١] لعله يقال في توجيه الاستدلال بذلك: إن الانضباط المذكور دليل على اعتبار ذكر أسباب الجرح فقط، ولا يدل على عدم اعتباره في التعديل، بل عدم انتهاض دليله كاف في القول بعدمه، والتسارع دليل ذكر أسباب التعديل فقط، ولم يدل على عدمه في الجرح، وهذا القائل لما انتهض عنده الدليلان قال بموجبهما واستدل بهما في كل من الموضعين لإمكان الجمع بالقول بالاعتبار في كل منهما، والله أعلم. (حسن بن يحيى الكبسي ح).

[٢] في تنقيح الأنظار: لم ينقله.