هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

(الباب الأول في الأخبار)

صفحة 328 - الجزء 2

  (وإلا) يكن بصيراً بل شهد من غير بصيرة له بحالهما لم يكن عدلاً (فلا يقبل).

  وأورد عليه: أنه قد اختلف في أسباب الجرح، فربما جرح بسبب لا يراه الغير جرحاً.

  وأجيب: بأن المفروض أنه عدل بصير لا يطلق في محل الخلاف، وإلا كان مدلساً⁣(⁣١) مجروح العدالة، اللهم إلا أن يتفق مذهب الجارح والمجروح في أسباب الجرح والتعديل فإنه يجوز الإطلاق وإن خالف فيها مخالف ولا يكون حينئذ مدلساً.

  وخامسها قوله: (وقيل:) لا يجب ذكر سببهما (إن كان عالماً بأسبابهما) بل يكفي الإطلاق فيهما، ويجب ذكره ولا يكفي الإطلاق فيهما إن لم يكن عالماً، فإذا علمنا أن الجارح أو المعدل عالم بأسباب الجرح والتعديل اكتفينا بإطلاقه، وإلا كلفناه بيانها، وهذا قول الجويني⁣(⁣٢) والغزالي والرازي.


(قوله): «لم يكن عدلا» إذ العدالة تقتضي أن لا يجازف بالجرح وهو غير عالم بسببه أو يعدل كذلك.

(قوله): «إلا أن يتفق مذهب الجارح والمجروح» الظاهر أن العبرة بمذهب المجروح فقط.

(قوله): «وقيل إن كان عالماً بأسبابهما ... إلخ» قال في شرح الجمع: هذا القول ليس مذهباً خارجاً عما⁣[⁣١] سبق، بل هو رأي القاضي؛ لأن الجرح والتعديل إنما يعتبران من العالم بأسبابهما، فالجاهل بذلك لا يعتد بقوله. قلت: والمؤلف # اعتمد كلام ابن الحاجب وغيره في جعله مذهباً مستقلاً.


(١) فإن قلت: سنقول: إن التدليس لا يوجب الجرح على الأصح، وقضية كلامه هنا موافقة القاضي على أن التدليس جارح. قلت: المراد بالتدليس ثمة غير المراد به هنا، فإن التدليس وقع في موضع الحاجة إلى الإيضاح، وهو الأماكن المختلف فيها، ولا كذلك ثمة. (سبكي على المختصر).

(*) وأجيب أولاً: بأنه قد يبنى الجرح على اعتقاده فيما يراه جرحاً حقاً فلا يكون مدلساً⁣[⁣٢]، وثانياً: بأنه ربما لا يعرف الخلاف ولا يخطر بباله أصلاً فلا تدليس. (عضد).

قوله: «ربما لا يعرف الخلاف ... إلخ» فيظن أن ذلك السبب مما يوجب الجرح من غير مخالفة فيطلق حينئذ ظاناً حصول الإجماع، وليس كذلك. (من غاية الوصول بالمعنى).

(٢) وفي جمع الجوامع وشرح المحلي عليه ما لفظه: (وقول الإمامين) أي: إمام الحرمين والرازي (يكفي إطلاقهما) أي: الجرح والتعديل (للعالم بسببهما) أي: منه، ولا يكفي من غيره (هو رأي القاضي) المتقدم (إذ لا تعديل ولا جرح إلا من العالم) بسببهما، فلا يقال: إنه غيره وإن ذكره معه ابن الحاجب وغيره. اهـ الظاهر من كلام ابن الحاجب وغيره أن الفرق بين القولين هو أن القاضي يقول: من شهد من غير بصيرة له بحالهما لم يكن عدلاً فلا يقبل جرحه، وأن الإمام يقول: هو عدل لكنه لا يقبل لحصول الشك بخبره فلا يعمل به؛ ولهذا الوجه أنه إذا بين السبب قبل وإن كان جاهلاً عند الإمام. (منقولة).


[١] في المطبوع: على ما سبق. والمثبت من هامش (أ).

[٢] فإن من يخبر ويشهد إنما يخبر باعتقاده، فلا يلزم التدليس، سلمنا لكن إنما يتم ذلك على تقدير أن يكون عارفاً بالخلاف فيما يوجب الجرح، أما إذا لم يعرف الخلاف ... إلخ. (غاية الوصول).