هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[فصل: في شروط العمل بأخبار الآحاد]

صفحة 336 - الجزء 2

  وهذا قول بعض أئمتنا⁣(⁣١) وأبي الحسين والغزالي وجمهور الفقهاء.

  قال أبو طالب: والأقرب من طريقة من يقبل خبر المتأول في الكفر ويقبل شهادته أنه لا يقول بكفره لتمسكه بالشهادتين وإن اعتقد مذاهب فاسدة من طريق التأويل؛ إذ لا يعرف في أهل العلم⁣(⁣٢) من يقطع على رجل بالكفر ثم يقبل حديثه وشهادته. انتهى كلامه.

  وهو ما أراده ابن الحاجب بقوله: كالكافر عند المكفِّر.

  وقال مالك وأبوعلي وأبو هاشم والقاضي أبو بكر الباقلاني: لا يقبل، ونقله الآمدي عن الأكثرين، وجزم به ابن الحاجب، وفي كلام أبي طالب مع قوله بأن هذه المسألة


(قوله): «وهذا قول بعض أئمتنا» منهم الإمام يحيى #، قال مولانا وشيخنا صارم الدين |: ويروى عن الإمام المتوكل على الله أحمد بن سليمان # والأمير الحسين وهو مذهب المنصور بالله، قال في حواشي الفصول: نص عليه في كتابه في الأصول، قال في شرحه: وهو المختار. قال في حواشي الفصول: «نكتة»: من رد أحاديث المتأولين لزمه أن لا يقبل مرسل من لا يقبلها، كالمؤيد بالله # والمنصور بالله # والمتوكل على الله #، فحديثهما من شرح القاضي زيد وهو ادعى الإجماع على قبولهم.

(قوله): «لا يقول بكفره ... إلخ» خبر قوله: والأقرب.

(قوله): «وفي كلام أبي طالب» يعني المتقدم.

(قوله): «مع قوله إن هذه المسألة» وهي قبول المتأول.


(١) قال الإمام الحجة مجدالدين بن محمد المؤيدي # في كتابه لوامع الأنوار (ج ٢/ ١٣٠/ ط ٤) في سياق تقسيمِ الحديث عند أهل البيت $ وذِكْرِ العدالة ما لفظه: «وهي في اللغة: التوسط في الأمر، وفي الاصطلاح: إتيان المكلف بكل واجب عليه يستحق بتركه العذاب، واجتناب كل كبيرة مصرحة، أو متأولة، وكل رذيلة، وهذا على ماهو الحق عند قدماء أئمتنا (ع) وتابعيهم، من رد كافر التأويل وفاسقه، والقول بسلب الأهلية؛ لعموم الدليل، الدال على ردّ المصرح بهما قطعاً، وإجماعاً، نحو قوله عز وعلا: {وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا}⁣[هود ١١٣]، و {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا}⁣[الحجرات ٦]، والمتأوِّل ظالم، وفاسق؛ ولم تصح دعوى الإجماع على القبول، فلا تخصيص كما حقق في الأصول؛ ولأن دليل العمل بالآحاد من بعث الرسول ÷ لهم بالتبليغ، والإجماع على قبول أخبارهم في العمليات، لم يقم إلا على من ذكرنا، وغيرهم مختلف فيه، ولادليل عليه؛ وقد حققت المختار بدليله في الرسالة، الموسومة بـ (إيضاح الدلالة). اهـ (منه). وانظر اللوامع (٢/ ٥١٨، وما بعدها) تحت عنوان: الكلام على عدم قبول رواية فاسق التصريح.

(٢) في نسخة: من أهل. اهـ الظاهر من كلامهم في الفروع أن الخلاف مع القول بالكفر والفسق، ومفهوم الأزهار وغيره قبول شهادتهما، والله أعلم.