هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

(الباب الأول في الأخبار)

صفحة 337 - الجزء 2

  محتملة للنظر ميل إلى تقوية⁣(⁣١) كلام الرادين، ونقل عن القاضي عبدالجبار قبول رواية فاسق التأويل دون كافره.

  احتج القابلون⁣(⁣٢) بإجماع الصدر الأول من الصحابة والتابعين على ذلك، بيانه: ما أشار إليه بقوله: (للقطع بحدوث الكفر والفسق تأويلاً في آخر أيام الصحابة) كما روي أن معاوية أول من زعم أن الله يريد أفعال العباد كلها وأن رأي المجبرة حدث منه وشاع في ملوك بني مروان حتى عظمت به الفتنة، وكفعل الخوارج والبغاة المعلوم بالتواتر، والمعروف من أحوال جماعتهم أن شهادتهم كانت تقبل وأخبارهم لا ترد؛ إذ لو رد شيء من ذلك لنقل كما نقل سائر الأحوال المتعلقة بمنازعة بعضهم لبعض، (و) لكنه (لم ينقل رد خبرهم وشهادتهم كسائر أحوالهم) المنقولة عنهم (فكان إجماعاً) على قبول خبر المتأول، وهو المطلوب.

  (وأجيب بمنع أداء متأولٍ شهادةً أو خبراً لدى مخالفه) وذلك لأنه لم يثبت أن أحداً من هؤلاء المتأولين أقام شهادة أو روى خبراً عند من يعتقد فسقه وظهر ذلك ظهوراً يقتضي أن ينقل ما جرى فيه من رد أو قبول، فقولهم: لو رُدَّ شيء من ذلك لنقل - غير صحيح؛ لأن وجوب نقله مترتب على وقوعه، فما لم يقع كيف يجب نقل رده أو قبوله.


(قوله): «ميل إلى تقوية كلام الرادين» أما كلامه المتقدم فلأنه استبعد كلام القائلين؛ فلذا تأوله بأنهم لا يقولون بكفره، وأما قوله بأن هذه المسألة محتملة للنظر فلا تقوية به، بل هو مشعر بالتوقف، وقد صرح في الفصول بالتوقف عن أبي طالب في فاسق التأويل.

(قوله): «دون كافره» إذ لم يخرج فاسق التأويل نفسه عن أهل الإسلام مع غلبة الظن بصدقه، بخلاف الكافر.

(قوله): «وكفعل الخوارج» فإنه في آخر أيام الصحابة، وهذا مثال فاسق التأويل، قال الإمام الحسن في القسطاس: لا نسلم الإجماع على أن ذلك فسق تأويل حتى يلزم الإجماع على قبول رواية فاسق التأويل فإن كثيراً منهم كان يعد ذلك من المسائل الاجتهادية، وأنت تعرف أن التفسيق منها على مراحل.

(قوله): «بمنع أداء متأول» الأداء مضاف إلى الفاعل، وشهادة أو خبراً مفعوله، أي: تأدية المتأول من الصحابة لشهادة أو خبر عند مخالفه، يعني وقبله المخالف، فلا بد من زيادة ذلك، ولم يذكره المؤلف #، وكأنه تركه لظهور إرادته.


(١) في نسخة: إلى تقويم.

(٢) بالباء الموحدة.