(الباب الأول في الأخبار)
  حامل فقه غير فقيه، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه».
  وأخرج أحمد في مسنده وابن ماجه والحاكم في مستدركه عن جبير بن مطعم، وأبو داود وابن ماجه عن زيد بن ثابت والترمذي وابن ماجه عن ابن مسعود عنه ÷ أنه قال: «نضر الله عبداً سمع مقالتي فوعاها وحفظها ثم أداها إلى من لم يسمعها، فرب حامل فقه غير فقيه، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه، ثلاث لا يَغِلّ عليهن قلب امرئ مسلم: إخلاص العمل لله، والنصح لأئمة المسلمين، ولزوم جماعتهم، فإن دعوتهم تحوط من ورائهم».
  وأخرج الترمذي عن زيد بن ثابت: «نضر الله امرأً سمع مني حديثاً فحفظه حتى يبلغه غيره، فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه، ورب حامل فقه ليس بفقيه»، والحديث في هذا المعنى متسع، وظاهره الشمول لمخالف القياس وموافقه فلا يقاومه التوجيه بالرأي.
  وأيضاً المعتبر ظن الصدق، والعدالة تثمره.
  وقوله: (أو إكثار أو معرفة نسب أو علم بعربية أو معنى الحديث) يعني لا تشترط هذه الأشياء، فيقبل غير المكثر في الحديث كالمكثر(١)، بل لا يبعد ترجيح
(قوله): «ثلاث لا يُغِلُّ عليهن» بالغين المعجمة، قال في مختصر النهاية: من الإغلال: الخيانة في كل شيء، يروى بفتح الياء من الغِل، وهو الحقد والشحناء، أي: لا يدخله حقد يزيله عن الحق. وروي يَغِلُ بالتخفيف من الوغول في الشر[١]، والمعنى أن هذه الخلال الثلاث تستصلح بها القلوب، فمن تمسك بها طهر قلبه من الخيانة والدغل والشر. و «عليهن» في موضع الحال، أي: كائنا عليهن.
(قوله): «ولزوم جماعتهم» أي: الإجماع.
(قوله): «فإن دعوتهم» أي: دعوتهم إلى الحكم المجمع عليه، ومعنى تحوط من ورائهم: أي تشمل من كان خارجاً عنهم.
(قوله): «أو معرفة نسب» لم يتعرض المؤلف لاشتراط العرض ولا لعدمه، وفي الفصول ولا يشترط[٢] عرضه على الكتاب، قال في شرحه: لأنها لا تتكامل شرائطه إلا وهو غير مخالف للكتاب، قال: وعن عيسى ابن أبان: يشترط؛ لما روي عنه ÷: «إذا روي لكم مني حديث فاعرضوه على كتاب الله، =
(١) وإن لم يرو إلا خبراً واحداً.
[١] في المطبوع: في الشيء. والمثبت من النهاية.
[٢] في المطبوع: ولاشتراط. والمثبت من الفصول وشرحه.