(الباب الأول في الأخبار)
  خبر المقل؛ لأن الكثير يكثر فيه الغلط والسهو، بخلاف القليل(١)، ويؤيد هذا قوله ÷: «إياكم وكثرة الحديث عني، فمن قال علي فليقل حقاً أو صدقاً، ومن يقل علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار(٢)» أخرجه ابن ماجه والحاكم في المستدرك عن أبي قتادة.
  ويقبل غير المعروف نسبه؛ إذ لا دخل لمعرفة النسب في الصدق، وغير العالم بالعربية أو معنى الحديث لما سبق في قبول غير الفقيه(٣) مع قوله ÷ فيما أخرجه أحمد والترمذي وابن حبان عن ابن مسعود: «رب مبلَّغ أوعى من سامع» أي: أفهم للحديث وأحفظ.
= فإن وافقه فاقبلوه، وإن خالفه فردوه»، قال صاحب الديباج المذهب: وهذا من الموضوع، قال شارحه: والحديث يشكل بأنه يجوز أن لا يكون في كتاب الله أمر يتعلق بما ورد عليه الحديث[١] لا نفياً ولا إثباتاً، وأيضاً يلزم أن لا يثبت حكم من الأحكام الشرعية أصلاً بحديث رسول الله ÷، بل يلزم أن لا يثبت حكم منها إلا بكتاب الله، ومن ضروريات الدين أن الأمر ليس كذلك. قال الخطابي: وضعته الزنادقة، ويدفعه قوله ÷: «إني قد أوتيت الكتاب وما يعدله»، وروي: «أوتيت الكتاب ومثله معه» اهـ قلت: ويلزم من قبول حديث العرض الدور[٢]؛ إذ لا يستدل به إلا وقد عرض على كتاب الله تعالى، ولا يجب عرضه إلا وقد ثبت الاستدلال به.
(قوله): «فليقل حقاً أو صدقاً» الكلام يقال له من حيث إنه مطابق للواقع صدق، ومن حيث إنه مطابق بالفتح: حق.
(١) فأما إذا أكثر الراوي من الروايات مع قلة مخالطته لأهل الحديث فإن أمكن تحصيل ذلك في مدتها قبلت أخباره، وإلا توجه الطعن. (شرح فصول معنى).
(٢) أي: لينزل منزله من النار، والمباءة: المنزل.
(٣) من الأخبار ومن أن المعتبر ظن الصدق.
[١] في المطبوع: في الحديث.
[٢] قال الإمام الحجّة/مجدالدين بن محمد المؤيدي # في كتابه مجمع الفوائد في فصل الخطاب في تفسير خبر العرض على الكتاب ص ٤٣/ط ٢: إنَّ مِمَّا تَدَاحضتْ فيه الأَقْدَامُ، وتزاحمت عنده ركائبُ الأَعلام قولَ صاحبِ الشريعة ÷: «سَيُكْذَبُ عَلَيَّ كَمَا كُذِبَ عَلَى الأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبلِي، فَمَا أَتَاكُمْ عَنِّي فَاعْرِضُوهُ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ، فَمَا وَافَقَ كِتَابَ اللَّهِ فَهوَ مِنِّي، وَأَنَا قُلتُهُ، وَمَا خَالَفَ كِتَابَ اللَّهِ فَلَيسَ مِنِّي، وَلَمْ أَقُلْهُ». أخرجه الإمامُ الهادي إلى الحقِّ القويم يحيى بْنُ الحسينِ بنِ القاسمِ بْنِ إبراهيم عليهم الصلاةُ والتسليم في (كتاب السُّنَّة)، والإمامُ النَّاصرُ لدين اللَّه أبو الفَتْحِ الدَّيْلَمِيُّ في (كتاب البرهان تفسير القرآن) عن رسولِ اللَّهِ ÷ أنَّه قال: «سَيَكثُرُ عَلَيَّ الكَذَّابَةُ، فَمَا أَتَاكُم عَنِّي فَاعرِضُوهُ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ ø، فَمَا وَافَقَ كِتَابَ اللَّهِ فَخُذوهُ، وَمَا خَالَفَ كِتَابَ اللَّهِ فَرُدُّوهُ». =