(الباب الأول في الأخبار)
  وقد اختلف في الرواية بها، والذي عليه جماهير أهل العلم من المحدثين وغيرهم القول بإباحة الرواية بها.
  وعند أبي حنيفة وأبي يوسف وفي إحدى الروايتين عن الشافعي المنع من جواز الرواية بها، وعلى هذا القول جماعة من المحدثين والأصوليين والشافعيين، حتى قال بعضهم: إن قول المحدث: «قد أجزت لك أن تروي عني» تقديره: قد أجزت لك ما لا يجوز في الشرع؛ لأن الشرع لا يبيح رواية ما لم يسمع.
  وقال بعضهم: من قال لغيره: أجزت لك أن تروي عني ما لم تسمع فكأنه يقول: أجزت لك أن تكذب علي.
  ووجه ما قاله الجمهور: إنه إذا أجاز الشيخ للمتصدي للرواية أن يروي عنه جميع مروياته فقد أخبره بها جملة، فهو كما لو أخبره بها تفصيلاً، وإخباره بها غير متوقف على التصريح نطقاً كما في القراءة على الشيخ(١)، وإنما الغرض حصول الإفهام والفهم(٢)، وذلك يحصل بالإجازة(٣) المفهمة.
  ثم إنه كما تجوز الرواية بها يجب العمل بالمروي بها، خلافاً لبعض أهل الظاهر ومن تابعهم في إجرائه مجرى المرسل.
  (ومنها: المناولة في الأصح) لأن من شرطها أن تقترن بها الإجازة على
(قوله): «حصول الإفهام» يعني من المخبر.
(قوله): «والفهم» يعني من المجاز له.
(١) فإن الشيخ لم يحدثه نطقاً، بل ضمناً، كذلك هنا، فساغ له الرواية بالإجازة كما ساغ له الرواية بالقراءة عليه؛ لاشتراكهما في الإخبار على سبيل التضمن. (غاية الوصول).
(٢) ولأنه ÷ كان يرسل كتبه مع الآحاد وإن لم يعلموا ما فيها ليعمل من رآها بموجبها، وما ذاك إلا للإجازة. (قسطاس).
(٣) قال ابن الصلاح في كتابه في بحث الإجازة: ينبغي للمجيز إذا كتب إجازته أن يتلفظ بها، فإن اقتصر على الكتابة كان ذلك إجازة جائزة إذا اقترن بقصد الإجازة، غير أنها أنقص مرتبة من الإجازة الملفوظ بها، وغير مستبعد تصحيح ذلك بمجرد هذه الكتابة كما في باب الرواية التي جعلت فيها القراءة على الشيخ مع أنه لم يلفظ بما قرأ عليه إخباراً منه بما قرأ عليه على ما تقدم بيانه.