(الباب الأول في الأخبار)
  الصحيح، وصورتها أن يدفع(١) إليه أصل سماعه أو فرعاً مقابلاً به ويقول: هذا سماعي أو روايتي عن فلان أجزت لك روايته، ثم يبقيه في يده تمليكاً أو إلى أن ينسخه.
  أو يجي الطالب إلى الشيخ بكتاب من حديثه فيعرضه عليه فيتأمله الشيخ ثم يعيده ويقول: أجزت لك روايته عني، أو اروه عني، ويسمى هذا عرض المناولة.
  وإذا قلنا: إن المناولة نوع من الإجازة فهذه أقوى أنواعها على الإطلاق(٢)؛ ولذا أحلها مالك وغيره من أئمة الحديث محل السماع(٣).
  وقال بعض الناس: إنها مرتبة من مراتب الرواية برأسها، وإنها تجوز الرواية بها سواء اقترنت بالإجازة أو لا؛ وذلك لأنها لا تخلو من(٤) إشعار بالإذن في الرواية.
(قوله): «على الإطلاق» إشارة إلى صور المناولة السابقة، ومع الإجازة وغيرها.
(١) أي: الشيخ.
(٢) وهذا عند المحدثين، وخالف في ذلك الأصوليون، ورأوا أنها لا تفيد تأكيداً، صرح به إمام الحرمين والغزالي وابن القشيري وقالوا: المناولة ليست شرطاً ولا تفيد تأكيداً[١]، وإنما هي زيادة تكلف أحدثه بعض المحدثين. (من البحر المحيط للزركشي).
(٣) قال أبو زرعة في شرح الجمع: ذهب بعضهم إلى أنها في رتبة السماع، حكاه أبو عبدالله الحاكم عن ابن شهاب وربيعة الرأي ويحيى بن سعيد الأنصاري ومالك في آخرين. وقال والدي |: إنه خلط عرض المناولة بعرض السماع، وحكاه الخطيب عن ابن خزيمة، لكن الصحيح انحطاط المناولة عن السماع. اهـ قال السيد محمد بن إبراهيم في التنقيح ما لفظه: وأما إن لم تقترن بالإجازة ولا قال المناول للطالب: ارو عني ما في هذا الكتاب ولا نحو ذلك فإن أهل العلم اختلفوا في جواز الرواية بها، واختلافهم مبني على أن الرواية هل من شرطها الإذن أو لا؟ الصحيح أن الإذن غير مشترط في الإخبار، فكذلك هنا إذا أخبر أن الكتاب سماعه وأن النسخة صحيحة وناولها الطالب لينسخها أو ينقل منها فإن ذلك يكفي. والوجه في ذلك: أنه خبر جملي، فينزل منزلة كتب النبي ÷ التي كان ينفذ بها مع الرسل، ولم تكن الرسل تحفظها وتسمعها على النبي ÷، وإنما يخبرون خبراً جملياً أنها كتب رسول الله ÷ وأن ما فيها منسوب إليه. اهـ بحروفه.
(٤) في نسخة: عن.
[١] لفظ البحر المحيط: ولا فيها مزيد تأكيد.