(الباب الأول في الأخبار)
  لقوله ÷: «خير القرون قرني ..» الحديث؛ ولذا اختلف هو وصاحباه، فقضى بظاهر العدالة للحوقه لتابعي التابعين، لا هما لعدم لحوقهما لهم، وهذا معنى قوله: (لأن الظن واقف عنده) أي: عند مرسل من لا يرسل إلا عن عدل لا يتعداه إلى مرسَل غيره.
  احتج (القابلون) للمراسيل على الإطلاق بقولهم: (أطبق الصحابة والتابعون على القبول من غير نكير(١)) ألا ترى أن ابن عباس روى عن رسول الله ÷ أنه قال: «لا ربا إلا في النسيئة» فلما بوحث في ذلك أخبر بأنه سمعه من أسامة بن زيد، وروى أنه ÷ لم يقطع التلبية حتى رمى جمرة العقبة، ثم أخبر بأنه سمعه من الفضل بن العباس.
  وروى أبو هريرة عنه ÷ أنه قال: «من أصبح جنباً فلا صوم له» ثم ذكر أنه سمعه من الفضل بن العباس.
  وروى ابن عمر عنه ÷ أنه قال: «من شيع جنازة فله قيراط من الأجر، ومن مكث إلى أن يدفن الميت فله قيراطان» ثم أخبر من بعد ذلك أنه سمعه من أبي هريرة.
  وروي عن البراء أنه قال: ليس كلما نحدثكم به عن رسول الله ÷ سمعناه منه، وإنما سمعنا بعضه منه وسمعنا بعضه من غيره.
  وقد ذكر أهل العلم بالتواريخ أن ابن عباس لم يسمع من النبي ÷ إلا القليل(٢) من الحديث لصغر سنه، وقد روى عنه ÷ الكثير(٣).
(قوله): «للحوقه» أي: للحوق أبي حنيفة.
(١) وبأن الأدلة الدالة على التعبد بخبر الواحد لم تفصل بين المسند والمرسل. (من القسطاس).
(٢) في غاية الوصول ما لفظه: فإن الصحابة قبلوا خبر عبدالله بن العباس مع أنه لم يرو عن رسول الله ÷ إلا أربعة أحاديث. اهـ وفي تحرير العنسي | ما لفظه: قيل: هو - أي: القليل الذي سمعه ابن عباس من رسول الله ÷ - بضعة عشر حديثاً، وفي حاشية: وقيل: خمسة.
(٣) ولا يذكر من حدثه، فلم يقل قائل من الصحابة: لِمَ تطلق الرواية وأنت ما سمعت شيئاً عن رسول الله ÷ إلا القليل؟ وهم كانوا يعلمون أحواله. (تحرير العنسي).