(الباب الأول في الأخبار)
  بنص راجح على الخبر) سواء ثبتت بنص مساوٍ للخبر في القوة أو بنص مرجوح أو بالاستنباط (فالخبر) مقدم على القياس (وإلا) يكن الأمر كذلك بل ثبتت بنص راجح على الخبر سواء كان ذلك القياس قطعياً أو ظنياً، فإما أن يكون وجودها في الفرع قطعياً أو لا، (فإن وجدت في الفرع قطعاً فالقياس) مقدم (وإلا) توجد فيه قطعاً بل ظناً (فالوقف(١)).
  احتج (الأولون) وهم القائلون بتقديم الخبر على الإطلاق بأنه (شاع في الصحابة(٢) ترك الاجتهاد) والعمل (بالخبر) فمن ذلك ترك عمر القياس لخبر حَمَل بن مالك في إيجاب الغُرَّة في الجنين؛ لقوله فيه: لو لم نسمع بهذا لقضينا فيه برأينا، أي: بالقياس.
  وترك القياس أيضاً في تفريق دية الأصابع على قدر منافعها إلى خبر عمرو بن حزم كما تقدم، وما كان يراه من عدم توريث الزوجة(٣) من دية زوجها إلى خبر الضحاك، وقد سبق أيضاً.
  وترك أبو بكر رأيه في حرمان الجدة إلى خبر المغيرة ومحمد بن مسلمة.
  وروي أن عمر لما جاءه قاضي دمشق قال له: كيف تقضي؟ قال: أقضي بكتاب الله، قال: فإذا جاء ما ليس في كتاب الله؟ قال: أقضي بسنة رسول الله ÷، قال: فإذا جاء ما ليس في سنة رسول الله ÷؟ قال: أجتهد رأيي وأؤامر جلسائي، فقال له عمر: أحسنت.
  وروي عن عمر أيضاً أنه لما بعث شريحاً على قضاء الكوفة قال: انظر ما تبين لك
(١) عن القول بقبول الخبر أو عدمه؛ لتساوي القياس والخبر حينئذ. (محلي).
(٢) لكن يقال: المدعى قبول الخبر المخالف للقياس، والاستدلال بأنه شاع في الصحابة ترك الاجتهاد بالخبر، وأنت خبير بأن المدعى لا يوافق الدليل فينظر. قال الدواري: المذكور في ذلك مسائل اجتهادية لا قياسية إلا أن الحكم والخلاف واحد، فمن قدم الخبر على القياس قدمه على الاجتهاد، ومن قدم القياس على الخبر قدم الاجتهاد عليه.
(٣) في نسخ: المرأة.