هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[تعريف أصول الفقه]

صفحة 117 - الجزء 1

  للوجوب مثلاً كان معناه أنه دال عليه ومفيد له، فقد وقع⁣(⁣١) جزءاً من المحمول -


= إذا عرفت ذلك فالمؤلف جعل وجه ذكر الأحكام هو الاحتياج إليها بوجه آخر غير الاستمداد؛ إذ لو جعل وجه الاحتياج هو الاستمداد - وقد عرفت أن الاستمداد إنما هو من تصورها لا من التصديق بها لئلا يلزم الدور - لزمه ما ورد عليهم؛ لأن المؤلف # أيضاً قد ذكر تلك الأحكام التي للأحكام، وهي خارجة عن التصور وعن التصديق اللازم منه الدور، أعني التصديق الذي هو من مسائل الأصول والفقه، فلما جعل المؤلف وجه الذكر هو الاحتياج⁣[⁣١] دخلت تلك الأحكام التي للأحكام من غير إشكال، واستقام التعميم الشامل لغير تصور الأحكام في قول المؤلف: احتاج إلى بيان أقسامها وتعريفاتها وأحكامها الخارجة عن الأصول والفقه، وظهر به وجه جعل المنطق من الأبحاث الثلاثة؛ لحكم المؤلف بالحاجة إلى الجميع لا على وجه الاستمداد.

وقد ذكر وجه الحاجة في بحث البحثين الأولين، وأما البحث الثالث - أعني بحث الأحكام - ففي تعليل الاحتياج إليها بقوله: لما كان مقصود الأصولي إثبات الأحكام ... إلخ إشكال؛ لأنه إنما يفيد الاحتياج إلى تصورها فقط ليمكنه إثباتها أو نفيها لا الاحتياج إلى أحكامها الخارجة عن الأصول والفقه مثل الوجوب موسع ونحو ذلك، فينظر. ولو جعل وجه الاحتياج وهو ازدياد البصيرة ليشمل الأقسام والأحكام الخارجة عن الأصول والفقه فتأمل.

وهاهنا بحث: وهو أن المؤلف اقتصر على كون مقصود الأصولي إثبات الأحكام ونفيها في الأصول، ولم يذكر أن مقصوده إثباتها ونفيها في الفقه أيضاً كما ذكروه، وكأن وجه الاقتصار ما ذكره السعد في الحواشي من أن ذلك فائدة الأصول لا مسائله، فلا يلزم الأصولي من حيث هو أصولي تصور الأحكام ليمكنه إثباتها ونفيها في الفقه، وحينئذ فيرد أن مقتضى اقتصار المؤلف عدم ذكر⁣[⁣٢] الفقه في قوله # الخارجة عن الأصول والفقه؛ إذ لا دخل له في كلامه، وإنما يظهر فائدة ذكره في عبارة شرح المختصر؛ لأنه لم يقتصر كما اقتصر المؤلف #، يعرف ذلك مما ذكرناه سابقاً فتأمله.

(قوله): «فقد وقع جزءاً من المحمول» قد عرفت أن هذا إنما يفيد الاحتياج إلى تصورها فقط، فيعود الإشكال الذي تفصى عنه، ولو جعل وجه الاحتياج ما ذكرناه سابقاً لشمل قوله: «وأحكامها» أي: أحكام الأحكام من كون الوجوب مطلقاً أو مؤقتاً مضيقاً أو موسعاً إلى آخر ما سبق، فإن هذه الأحكام خارجة⁣[⁣٣] عن مسائل الأصول وخارجة عن مسائل الفقه، أعني المسائل المتعلقة بأفعال المكلفين، نحو الحج واجب، والقصر في السفر واجب ونحو ذلك.


(١) أي: الحكم، وقوله: «جزءاً من المحمول» لأن المحمول الجار والمجرور، فالحكم جزء من المحمول. اهـ وقوله: «وأحكامها الخارجة» ككون الوجوب مطلقاً أو مؤقتاً موسعاً ... إلخ.


[١] يعني الاحتياج إليها بوجه غير الاستمداد. (ح).

[٢] أي: يلزم أن لا يذكر الفقه. (منه). والحال أنه قد ذكره في قوله ... إلخ. (ح).

[٣] إلا أنها تفيد زيادة بصيرة. (منه. ح).