[فصل: في الأوامر]
  (قلنا:) إطلاقه على الفعل (مجاز) لأن المجاز أقرب من الاشتراك كما تقدم، فقد منع من المصير إلى الأصل الدليل، على أنه لو كان حقيقة في الفعل لوجب أن يشتق للفاعل منه اسم فاعل وأن يطرد(١) في كل فعل فيقال لمن خصف نعله وحلب شاته: إنه فعل أمراً، ولا قائل به.
[ما يميز الأمر عن غيره]
  مسألة: اختلف في الأمر هل له بكونه أمراً صفة(٢) زائدة يتميز بها عن غيره من التهديد وغيره أو لا، وهكذا سائر أنحاء الكلام من النهي والخبر والاستخبار والعرض والتمني ونحو ذلك(٣)، مع الاتفاق على أنه لا بد له من مميز (و) حينئذ(٤) (يتميز عن غيره) بأحد ثلاثة أشياء: (إما بإرادة المأمور به) لأن المتهدد مثلاً لا يريد ما تناولته الصيغة، بخلاف الآمر.
(قوله): «ولا قائل به» قد ذكر في حواشي الفصول أنه يطلق عليه حقيقة عند الآمدي.
(قوله): «اختلف في الأمر» أراد الصيغة، أعني افعل.
(قوله): «زائدة» يعني على مجرد حروفه، أعني افعل مثلاً.
(قوله): «أو لا» أي: لا صفة له زائدة يتميز بها، وإنما يتميز بأمر غير صفة، وهو إرادة المأمور به أو الوضع، فالحاصل أنهم متفقون على أنه لا بد من مميز، وإنما اختلفوا في المميز هل هو صفة للأمر أو لا.
(قوله): «بأحد ثلاثة أشياء» هذه القسمة باعتبار التمييز قد أشار المؤلف # إلى كل واحد منها بلفظ إما، وأما عند نشر الأقوال فالأقسام خمسة باعتبار أن المؤثر في الصفة أحد ثلاثة أشياء، فكانت الأقسام خمسة، أشار إلى كل واحد منها بقوله: قيل بالأول ... إلخ، إلا الخامس فأشار إليه بقوله: والحق أن الوضع كاف.
(١) قال أبو الحسين في المعتمد ما لفظه: والدلالة على أن قولنا: أمر ليس بحقيقة في الفعل أنه لو كان حقيقة فيه لاطرد، فكان يسمى الأكل أمراً والشرب أمراً، فإن قالوا: أليس قد يقال في الأكل الكثير هذا أمر عظيم؟ قيل: إنما يقال فيه ذلك من حيث هو شيء؛ ألا ترى أنه لا يقال في الفعل القليل: إنه أمر ويعنى به الفعل، وإنما يعنى به أنه شيء من الأشياء؛ ألا ترى أنه يقال فيه: أمر من الأمور على حد ما يقال ذلك فيما ليس بفعل.
(٢) صفة مصدر متعلق به قوله: بكونه، والتقدير هل للأمر وصف بكونه أمراً، وهكذا فيما يأتي. (عن خط السيد العلامة عبدالقادر بن أحمد).
(٣) كالترجي والنداء والتحضيض.
(٤) أي: حينئذ لا بدله من مميز.