[الباب الثاني: في الأوامر والنواهي]
= مدخول إما الثانية المقسمة إلى ثلاثة فلم يظهر لي ما هو، على أن قولنا: المميز كونه أمراً لذاته - أي: صيغته - هو معنى قولنا: المميز الوضع فلينظر، وهذه الصفة هي المعبر عنها بالحال والحكم في شرح قوله في هذه المسألة: وقيل بالرابع. وقوله: «زائدة» الظاهر أنه وصف كاشف؛ إذ الصفة إنما هي شيء زائد، ثم نشره للأقوال في المتن على الصفة التي نشرها عليها تبع فيها الفصول ولم يتبعه في فهرست المسألة، وليست بمطابقة لكلام غيره من الأصوليين ككلام الإمام يحيى الذي نقله فيما يأتي كما ستعرفه، ولا لما صدر به المسألة؛ إذ صدر المسالة بهل له صفة أم لا، ثم عاد يتكلم على المميز صفة أو غيرها، فاختلطت الأقسام، والصفة هي القول الثاني أعني المعبر عنها بقوله: وإما بكونه أمراً لأحد ثلاثة أشياء: إما لذاته المشار إليه بقوله: وقيل بالثاني، أو لإرادة كونه أمراً المشار إليه بقوله: وقيل بالثالث، أو إرادة المأمور به المشار إليه بقوله: وقيل بالرابع. هذه أقسام الصفة عنده، وقد تداخلت هي وغيرها فلم تنضبط الأقسام، ولو تبع إما الفصول أو المنهاج في الإجمال والتفصيل لتناسب الكلام وأخذ بعضه بحجزة بعض. وعبارة المنهاج: وله بكونه أمراً صفة يتميز بها؛ إذ لا يكفي مجرد الحروف؛ لاستوائها فيه وفي التهديد. أبو الحسين: لا صفة له، بل يتميز بإرادة المأمور به، ثم قال: مسألة: والمؤثر فيها إرادة المأمور به. الأشعرية: بل إرادة كونه أمراً. أبو القاسم: بل لعينه. اهـ وهذا سوق واضح، وانظر حسن السياق للأقوال على الترتيب فيما نقله المولى الحسين عن معيار الإمام يحيى بن حمزة. ثم هاهنا اختلال آخر، هو أن المولى الحسين ذكر تميز الأمر بأحد ثلاثة أشياء في الثاني منها القول بتميزه بإرادة واحدة، إما إرادة المأمور به أو كونه أمراً، وفي كلام الإمام يحيى الذي نقله لم يقل أحد: إنه يتميز بإرادة واحدة، بل بإرادتين أو ثلاث، إلا على قول من ذهب إلى أن ليس للأمر بكونه أمراً حال كما تراه، وقد عرفت أن مدخول إما الثانية هو مذهب من أثبت للأمر صفة على اختلاف الأقوال، ولو تكلفنا وقلنا: إن قوله إما بكونه أمراً بمعنى إرادة إحداث الصيغة لم يكن في الكلام إلا ذكر إرادتين: هذه الإرادة مع إرادة كونه أمراً أو إرادة المأمور به، ويسقط القول بإثبات ثالثة، مع أن هذا التكلف خلاف الظاهر، ثم بعد هذا ما المراد بالغير في قولهم: يتميز عن غيره؟ إن كان كل مغاير للأمر من أقسام الكلام كالخبر والاستخبار ونحوهما فالتمييز إنما يكون للأشياء الملتبس بعضها ببعض، ومثل هذا لا التباس فيه لا لفظاً ولا معنى؛ لتباين الحقائق والألفاظ قطعاً، فلا يحتاج إلى مميز، ومن لا يعرف الحقائق لا عبرة به، وإذا اضطررنا إلى إجابة سائل المميز قلنا: المميز الوضع للصيغ المتباينة. وفي كلام ابن الإمام والإمام المهدي والحسن بن عزالدين في شرحي المنهاج عبارات كثيرة تفيد أن المراد بالغير هو ما ذكر، وغير مرة كرر سائر أنحاء الكلام والخبر وأقاس عليه الأمر، وهو صريح الفصول وشرحه للجلال. وأما إدخال الإرادات هاهنا وجعلها مميزة للفظ عن سائر الألفاظ فأمر لا يعقل. وإن كان المراد بالغير ما يشابه الأمر في الصفة وليس بأمر كالتهديد ونحوه مما تستعمل فيه صيغة «افعل» فيقال: ما مرادكم بالتميز، هل للمخاطب أو للمتكلم؟ الثاني لا يحتاج إلى مميز قطعاً، والأول لا مميز في حقه سوى قرائن الأحوال والمقامات؛ لأن الإرادة مطلقاً لا دليل على وجودها أو عدمها؛ إذ لم يصرح كل آمر بالإرادة، ومع صدور الأمر من دون إرادة في مثال =