[تعريف العلم]
البحث الأول: [في المنطق]
[تعريف العلم]
  أي: هذا البحث الأول، أو البحث الأول هذا (العلم(١)) يطلق على معنيين أعم وأخص، فهو (بمعنى) من ذينك (يقابل غير الثابت من تصور أو تصديق) المراد بغير الثابت ممكن الزوال ومحتمل النقيض(٢)،
(قوله): «البحث الأول العلم ... إلخ» لما كان البحث الأول كما عرفت في المنطق، وكان مقاصد المنطق هي مباحث التصورات الموصلة إلى المجهول التصوري، ومباحث التصديقات الموصلة إلى المجهول التصديقي، وكان لهذه المقاصد مقدمات ذكرها لمنطقيون تحصل بمعرفتها زيادة بصيرة في مقاصد المنطق، وهي تعريف العلم، وقسمته إلى التصور والتصديق، وقسمته إلى البديهي والنظري، ومعرفة النظر - ذكرها المؤلف. وأما مباحث الألفاظ وبيان الدلالة وأقسامها فقد عدوها أيضاً في المنطق من المقدمات؛ لتوقف الإفادة والاستفادة عليها، فصار النظر فيها مقصوداً بالعرض. وأما المؤلف # فلم يجعلها من مقدمات المنطق حيث لم يذكرها هاهنا، ولم يغفلها رأساً، بل أوردها في المباحث اللغوية؛ وذلك لأنهم لما صرحوا بأن نظر المنطقي بالذات إنما هو في المعرف والحجة وهما من قبيل المعاني لا الألفاظ لم يذكرها هاهنا. ولما توقفت الإفادة والاستفادة على الألفاظ كما صرحوا بذلك، وكان ذكر الألفاظ في المباحث اللغوية أنسب - أوردها هنالك ملاحظة للأمرين.
(قوله): «فهو» أي: العلم بمعنى من ذينك المعنيين - وهو المعنى الأخص - يقابل غير الثابت، وذلك لأن الأخص كما سيأتي صفة يتجلى بها المذكور لمن هي له، فالتجلي أخرج غير الثابت، أي: ممكن الزوال؛ فلذا كان مقابلاً لغير الثابت، وهو المعنى الأعم[١].
(قوله): «يقابل غير الثابت من تصور أو تصديق» قال المؤلف في الشرح: المراد بغير الثابت ممكن الزوال ومحتمل النقيض ... إلخ هذا مبني على إثبات النقيض للتصور، وهو خلاف ما صرح به في شرح المختصر في حد العلم حيث ذكر في قول ابن الحاجب: «لا يحتمل النقيض» ما لفظه: وهذا يتناول التصور؛ إذ لا نقيض له. قال السيد المحقق: لأن النقيضين هما المفهومان المتمانعان لذاتهما، ولا تمانع بين التصورات، فإن مفهوم الإنسان واللاإنسان لا يتمانعان إلا إذا اعتبر ثبوتهما لشيء، فيحصل هناك قضيتان متنافيتان.
قلت: وما ذكره المؤلف # هو الموافق لما عليه المنطقيون من إثبات النقيض للتصور حيث ذكروا أطراف القضايا كقولهم: تبديل نقيض الطرفين، وحيث ذكروا النقيض في النسب بين الكليات، وغير ذلك =
(١) قال سعد الدين في حاشيته على الكشاف: معلومات العلم إن حصلت بالتمرن على العمل فربما خصت باسم الصناعة، أو بمجرد النظر والاستدلال فبالعلم، وقد يقال: الصناعة لما تدرب فيه صاحبه وتمكن؛ أو لما يكون الأصل فيه هو العمل، وبالجملة للصناعة تعلق ما بالعمل؛ ولذا قالوا: هي ملكة نفسانية يقتدر بها الإنسان على استعمال موضوعات ما نحو غرض من الأغراض صادراً عن البصيرة بحسب ما يمكن فيها.
(٢) هذا يناسب قولهم تبديل نقيض الطرفين، وما ذكروه في النسب بين الكليتين. انظر سيلان.
[١] ينظر فإن المعنى الأعم أعم من غير الثابت؛ لشموله للمعنى الأخص. (ح مغربي).