هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الباب الثاني: في الأوامر والنواهي]

صفحة 449 - الجزء 2

  حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا}⁣[المائدة: ٢]، ومنهم من حاول الفرق بينه وبين الإباحة⁣(⁣١)، والعلاقة هنا أيضاً إطلاق اسم المقيد على المطلق؛ لأن طلب الفعل يتضمن الإذن فيه مع الرجحان، فاستعملت الصيغة في مطلق الإذن.

  (و) الرابع: (التهديد⁣(⁣٢)) كقوله تعالى: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ}⁣[فصلت: ٤٠]، {وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ}⁣[الإسراء: ٦٤].

  (و) الخامس: (الإنذار) كقوله تعالى: {قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ ٣٠}⁣[إبراهيم]، وقد جعله قوم قسماً من التهديد.

  والفرق بينهما أن التهديد هو التخويف، والإنذار إبلاغ المخوف كما هو تفسير الجوهري لهما، فيكونان متباينين.

  وقيل: الفرق بينهما أن الإنذار يجب أن يكون مقروناً بالوعيد كما في الآية المذكورة، والتهديد لا يجب فيه ذلك.

  وقيل: بأن التهديد عرفاً أبلغ في الوعيد والغضب من الإنذار، فيتعاكسان في العموم والخصوص على هذين القولين، والعلاقة فيهما التضاد.


(قوله): «ومنهم من حاول الفرق» لعله فرق بأن الإذن فيما أصله المنع دون الإباحة.

(قوله): «وقد جعله» أي: الإنذار.

(قوله): «والفرق بينهما» عبارة شرح الجمع: لكن الفرق بينهما ... إلخ.

(قوله): «إبلاغ المخوف» نحو {قُلْ تَمَتَّعُوا}⁣[إبراهيم: ٣٠]، فإنه أمر بإبلاغ الكلام المخوف الذي عبر عنه بهذه الصيغة.

(قوله): «فيتعاكسان» أي: الإنذار والتهديد، يعني يكون الإنذار أخص على القول بأنه يجب أن يقترن بالوعيد، وأعم على القول بأن التهديد عرفاً أبلغ، والحاصل أن التهديد أعم من الإنذار على القول الأول، وعلى تفسير الجوهري متباينان⁣[⁣١]، وعلى القول الثالث الإنذار أخص، وعلى الرابع أعم.


(١) لعله بأن الإذن فيما تقدمه حظر كالمثالين المذكورين.

(*) قال ابن أبي شريف: منهم من أدخله في قسم الإباحة، وهو متجه إذا أريد بالإباحة رفع المنع من الفعل لا أحد الأحكام الخمسة الشرعية.

(٢) الأمر للتهديد من قبيل الاستعارة؛ تشبيهاً لذلك المعنى بالمعنى المأمور به الواجب الذي لا بد أن يكون. (حاشية سعد على الكشاف).


[١] ينظر في التباين؛ فإن الظاهر أن بينهما عموماً وخصوصاً مطلقاً؛ لتحقق التهديد في الإنذار مع زيادة الإبلاغ فتأمل. (ح عن خط شيخه). وقد ذكره في المطول، وقد شكك بعضهم على هذا التنظير فتأمل.