[الباب الثاني: في الأوامر والنواهي]
  ضد ما سأله فعله، وإنما يقتضي الإرادة فقط، فوجب في الأمر مثل ذلك؛ إذ لو اقتضى الوجوب أو كراهة ضد المأمور به لانفصل عن السؤال بشيء زائد على الرتبة.
  والجواب: أن هذا الدليل مبني على مذهبه من اعتبار العلو، وقد علمت فساده، ولو سلم فالاتفاق على أن الصيغة في السؤال مجاز، ولا قائل بوجوب اتحاد المعنى الحقيقي والمجازي، ولو سلم فالسؤال يدل على الإيجاب(١) وإن كان لا يلزم منه الوجوب؛ فإن السائل قد يقول للمسؤول: لا تخل بمقصودي ولا تخيب رجائي، وهذه الألفاظ(٢) صريحة في الإيجاب وإن كان لا يلزم منه الوجوب(٣).
  لا يقال: قد افترقا من وجه آخر، وذلك من حيث إن إيجاب الأمر دال على الوجوب، بخلاف إيجاب السؤال.
(قوله): «إذ لو اقتضى» أي: الأمر الوجوب.
(قوله): «لانفصل» أي: الأمر.
(قوله): «بشيء زائد على الرتبة» عائد إلى معناهما، والفرض أنهما متحدان لم ينفصل أحدهما عن الآخر إلا بأمر خارج.
(قوله): «من اعتبار العلو» لا يقال: الاستدلال تام مع الاستعلاء أيضاً؛ لأنا نقول: قد عرفت أن الاستعلاء لا يكون في المندوب[١].
(قوله): «ولو سلم» أي: اعتبار العلو وأنهم لم يفرقوا بينهما إلا به فالصيغة في السؤال مجاز.
(قوله): «ولا قائل بوجوب اتحاد المعنى الحقيقي والمجازي» كما هو مقتضى قول المخالف سابقاً: فوجب في الأمر مثل ذلك.
(قوله): «ولو سلم» أي: وجوب الاتحاد فهما متحدان، وذلك أن السؤال يدل على الإيجاب ... إلخ، لكن يقال: فلا تكون الصيغة في السؤال مجازاً، ومبنى هذا التسليم على وجوب اتحاد المعنى الحقيقي والمجازي.
(قوله): «فإن السائل قد يقول ... إلخ» أي: يوجب ما ليس بواجب ولذا لا يلزم[٢] من الإيجاب الوجوب فيما ذكر.
(قوله): «لا يقال قد افترقا من وجه» يعني فلا يتم الاتحاد.
(١) يقال: أما لمجرد السؤال فلا دلالة على الإيجاب وإن اقترن بالنهي فإن كان قولاً من السيد لعبده فهو أمر وإيجاب؛ لأنه يذم على الترك وليس بسؤال، ولا ينزل خطاب الشارع إلا على نحو أمر السيد لعبده، وأما الوجوب في السؤال وعدمه في أمر السيد لعبده فلقرائن خارجة قد دل الدليل على اعتبارها فتأمله، والله أعلم. (ع).
(٢) في المطبوع: وهذه الأفعال صريحة.
(٣) إذ الوجوب إنما يثبت بالشرع.
[١] وأيضاً لا تتحقق الفوقية إلا مع العلو دون الاستعلاء؛ إذ يمكن ممن هو دون المأمور، والله أعلم. (حسن بن يحيى عن خط العلامة السياغي).
[٢] في المطبوع: ولذا يلزم. والمثبت من هامش (أ).